قال عروة بن الزبير رضي الله عنه: " رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على عاتقه قربة ماء ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، لا ينبغي لك هذا!! ، فقال : لما أتاني الوفود سامعين مطيعين دخلت نفسي نخوة ، فأردت أن أكسرها".
رأى محمد بن واسع ابنا له يمشي مشية منكرة ، فقال له موبّخا : " أتدري بكم اشتريت أمك ؟ بثلاثمائة درهم ، وأبوك – لاكثّر الله في المسلمين من أمثاله – أنا ، وأنت تمشي هذه المشية؟".
بلغ عمر بن عبدالعزيز أن ابناً له اشترى خاتماً بألف درهم ، فكتب إليه: " بلغني أنك اشتريت خاتماً وفصّه بألف درهم ، فإذا أتاك كتابي هذا فبع الخاتم ، وأشبع به ألف بطن ، واتخذ خاتماً بدرهمين ، واجعل فصّه حديداً صينياً واكتب عليه : رحم الله امرءاً عرف قدره".
ودخل على عمر بن عبدالعزيز واحد من أقربائه ، فهاله ما رأى ، فقد رأى عمرا لائذا بركن الشمس عن داره متدثرا بإزار ، فحسبه مريضا ، فسأله : " ما الخطب يا أمير المؤمنين ؟ " ، فقال : " لا شيء ، إني أنتظر ثيابي حتى تجفّ " . فعاد يقول له : " وما ثيابك يا أمير المؤمنين ؟ "، قال عمر : " قميص ورداء وإزار " ، فقال له : " ألا تتخذ قميصا آخر ورداء أو إزارا ؟ " قال : " قد كان لي ذلك ، ثم تمزقت " ، فقال له : " ألا تتخذ سواها ؟ " ، فأطرق عمر رأسه ، ثم أجهش بالبكاء ، وجعل يردد قوله تعالى : { تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين } (القصص:83).
وقال موسى بن القاسم : " كانت عندنا زلزلة وريح حمراء هاجت في المدينة ، فذهبت إلى محمد بن مقاتل فقلت: يا أبا عبدالله ، أنت إمامنا فادع الله عزوجل لنا . فبكى ثم قال: ليتني لم أكن سبب هلاككم ، قال موسى : فرأيت في المنام النبي صلى الله عليه وسلم يقول لي : إن الله عزوجل رفع عنكم البلاء بدعاء محمد بن مقاتل ".
ذكروا عن الخليفة هارون الرشيد أنه استدعى إليه أبا معاوية الضرير ليسمع منه الحديث، فأكل عنده ثم قام ليغسل يده ، فقام الخليفة فصب على أبي معاوية الماء وهو لا يراه ثم قال : " يا أبا معاوية ، أتدري من يصب عليك الماء؟"، فقال له: " لا " ، قال : " يصب عليك أمير المؤمنين " فدعا له ، فقال الخليفة : " إنما أردت تعظيم العلم".
وقال أبوبكر المروزي ل أحمد بن حنبل : "ما أكثر الداعين لك . فامتلأت عيونه بالدموع وقال: أخاف أن يكون هذا استدراجا، أسأل الله أن يجعلنا خيرا مما يظنون، ويغفر لنا ما لا يعلمون".
وعن الإمام المروزي قال: " لم أر الفقير في مجلس أعز منه في مجلس أحمد بن حنبل ، كان مائلا إليهم، مقصرا عن أهل الدنيا ، وكان كثير التواضع، تعلوه السكينة والوقار، إذا جلس في مجلسه بعد صلاة العصر للفتيا لا يتكلم حتى يُسأل، وإذا خرج إلى مسجده لم يتصدّر، بل يقعد حيث انتهى به مجلسه".