أكدت دراسة نشرت خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2024 في دورية «ميكروبيولوجي» أجراها فريق من الباحثين في جامعة كارديف ميتروبوليتان البريطانية
أن الاستخدام الموضعي لعسل زهرة «مانوكا» (Manuka Honey)، له قدرة كبيرة على التئام الجروح المزمنة المتقيحة
بفضل خصائصه المضادة للبكتيريا وقدرته على استئصال أكثر من 80 نوعا من البكتيريا
من بينها البكتيريا العقدية المقيحة «Strept.Pyogenes» وبكتيريا «Pseudomonas» وبكتيريا «MRSA» المقاومة للمضادات الحيوية.
وأكد الباحثون أن نتائج الدراسة تعد إضافة جديدة لدراسات سابقة أكدت فوائد استخدام العسل في معالجة العدوى البكتيرية
مقابل الارتفاع المتزايد لمقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية المتاحة حاليا.
مكافحة بكتيريا الجلد
* البكتيريا العقدية المقيحة هي أحد أنواع البكتيريا الموجودة بكثرة على سطح الجلد
التي تتسبب في حدوث الالتهابات التقيحية وعدم التئام الجروح المزمنة،
حيث تتجمع أعداد هائلة من البكتيريا في مستعمرات تلتصق بأسطح الخلايا والأنسجة المصابة مكونة «أغشية بيولوجية» (Biofilms)
تكون بمثابة حاجز واق يحمي البكتيريا من وسائل الدفاع المناعية بالجسم ويمنع نفاذ المضادات الحيوية
إلى داخل الأنسجة المصابة مما يؤدي إلى استمرار عمليات الالتهاب والتقيح وعدم الالتئام.
وأكدت نتائج الدراسة أن استخدام عسل «مانوكا» موضعيا يمنع تجمعات البكتيريا العقدية المقيحة
كما يمنع التصاق البكتيريا بأحد البروتينات الموجودة على سطح الخلايا المصابة والمعروف باسم «فيبرونيكتين» (Fibronectin)
مما يساعد على سهولة وصول المضادات الحيوية والمواد الكيميائية الطبيعية التي يحتوي عليها العسل
إلى داخل الأنسجة وسرعة التئام الجروح والقروح المتقيحة المزمنة.
عسل طبي
* وعسل «مانوكا» هو نتاج الرحيق الذي يحصل عليه نحل العسل من زهرة «مانوكا» المنتشرة في نيوزيلندا وأجزاء من أستراليا،
ومعروف عنه أنه يحتوي على نسبة عالية من المضادات الحيوية النشطة. وحديثا أدرجت في العديد من بلدان العالم
منتجات صحية تحتوي على عسل «مانوكا» في منتجات العناية بالجلد والبشرة والتئام الجروح والقروح.
والجدير بالذكر أن عسل النحل معروف منذ عدة قرون بخصائصه المضادة للبكتيريا.
وقد احتوت كتب التراث والطب القديم على العديد من الوصفات التي يستخدم فيها العسل لمعالجة الجروح والقروح والحروق،
فلجأ المصريون القدماء إلى استخدام العسل منذ أكثر من 3500 سنة لمعالجة الجروح وتقرحات الفم والبثور الجلدية
عن طريق مس المكان المصاب بالعسل الصافي. كما وصف ابن سينا (الطبيب الرئيس) لبخة مكونة من العسل والدقيق ودهن السمك
لمعالجة الجروح ووصف أبوقراط (أبو الطب) عسل النحل لمعالجة الجروح، كما استعمله داود الأنطاكي وابن البيطار وغيرهم.
وحديثا أكدت العديد من الدراسات فوائد استخدام العسل في معالجة الجروح السطحية والعميقة والحروق بدرجاتها المختلفة
وقرح الفراش والقرحة الوريدية بالساق والقرح المزمنة المتقيحة والقرح المزمنة لمرضى السكري والجروح الناتجة عن الجراحات.. إلخ.
أسباب الشفاء
* أرجعت الدراسات التأثيرات الشافية لعسل النحل في معالجة الجروح والقروح لعدة أسباب منها:
– احتواء العسل على تركيزات عالية من السكريات تجعله يتميز بخاصة «غروية» (هيغروسكوبية) تمتص الرطوبة والماء
والإفرازات من الأنسجة المصابة مما يؤدي إلى موت البكتيريا والفطريات والإقلال من حجم الندبة الناتج عن الالتئام.
– احتواء العسل الخام غير المسخن على إنزيم «غلوكوز أكسيداز» عندما يتحد بالماء والرطوبة في الأنسجة المصابة
يؤدي إلى تكون مادة «هيدروجين بيرأكسيد» التي تتميز بخصائصها القاتلة للبكتيريا اللاهوائية التي تصيب الجروح العميقة.
– احتواء العسل على مادة «Pinocembrin» التي تتمتع بخصائص واسعة كمضاد حيوي يفتت أغشية وجدران البكتيريا مما يؤدي إلى موتها والتخلص منها.
– احتواء العسل (خاصة الأنواع الداكنة منه) على نسبة عالية من مضادات التأكسد تسهم في رفع كفاءة الجهاز المناعي بالجسم ومقاومة العدوى وسرعة التئام الجروح.
– احتواء العسل على مغذيات للأغذية الطلائية للجلد والتفرعات العصبية تحت الجلد، التي تساعد على الإقلال من الألم الناتج عن الالتهاب والتقيح.
– استخدام العسل موضعيا يؤدي إلى رفع كفاءة خلايا كرات الدم البيضاء الأكولة بالأنسجة، مما يساعد على التئام الجروح بسرعة وتكوين ندبة سليمة دون تشوهات.
– استخدام العسل موضعيا يؤدي إلى زيادة إفراز مادة «غلوتاثايون» بالأنسجة المسؤولة عن تنشيط نمو الخلايا وانقسامها وسرعة التئام الجروح.
طريقة استخدام العسل
* ولاستخدام العسل في تضميد الجروح والقروح يجب استعمال الأنواع المعدة للأغراض الطبية فقط على هيئة منتجات سائلة
أو ضمادات تحتوي على العسل بعد معالجته كي يصبح صالحا لتضميد الجروح والقروح،
كما يجب استعمال الأنواع التي تمت معالجتها عن طريق أشعة «غاما» للقضاء على حويصلات بكتيريا «كوليستريديا» (Clostridia)
التي يحتوي عليها العسل الخام، مع الاحتفاظ بكافة خصائص العسل المطهرة وكمضاد حيوي.
ويجب استعمال الأنواع بعد إجراء عمليات فلترة للتخلص من الشوائب وبقايا الشمع وحبوب اللقاح
التي يحتوي عليها بعض أنواع العسل الخام والتي تتسبب في حدوث الحساسية الموضعية في بعض الحالات.
ويجب استخدام كميات قليلة من العسل في حالات الجروح الجافة ذات الإفرازات القليلة،
مع مراعاة تغيير الضمادة مرتين إلى 3 مرات أسبوعيا،
كما يجب استخدام كميات كبيرة من العسل في حالات الجروح الرطبة ذات الإفرازات الغزيرة،
مع مراعاة استعمال ضمادات ماصة مسامية مانعة للالتصاق.
ويتم حقن العسل باستخدام حقنة أو (فتيل) توضع في عمق الجيوب المتقيحة والجروح العميقة، مع مراعاة تغطيتها بضمادة واقية خارجية تمنع تسرب العسل إلى الخارج.