بسم الله الرحمن الرحيم لا تبك ولا تحزن.. ولا تبتئس .. بل ارفع رأسك .. وابتسم للحياة .. وامض حقبا نحو الأوفق والأجمل والأروع .. ثق بنفسك ..
فالمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف .. انظر من حولك .. عظماء الإنسانية لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه بالبكاء على الأطلال .. بل حفروا حياتهم ومستقبلهم بأظافرهم في الصخر .. وفي الجبال ليصلوا إلى المجد والشهر … وكي يكونوا نافعين ضحوا بحياتهم بذلا وعطاء ومحبة وأملا .. ذابوا كالشمعة كي يضيئوا لغيرهم طريق الحياة .. وطريق الأمل وطريق الحب .. لا تقل إنك لم تواصل تعليمك .. وأن الطريق مسدودة أمامك .. انظر إلى مشاهير العالم .. انهم لم يصلوا إلى السنة السادسة ابتدائي في تعليمهم .. فسلامة موسى .. ومكسيم جوركي .. وعباس محمود العقاد ومصطفى صادق الرافعي وبرنارد شو … وشارلز ديكنز .. صاحب رائعة أوليفر تويست .. كلهم لم يصلوا الى السادسة ابتدائي .. وهذا ما لا يعرفه العامة.. ومع ذلك طالعوا وثابروا ووسعوا معلوماتهم ومداركهم .. وبذلوا وضحوا .. وواصلوا الدرب .. درب الأحزان .. درب العلم .. درب الفكر .. درب الثقافة .. أدمنوا المطالعة .. لم يخالطوا الصعاليك .. بل انقطعوا لأنفسهم .. وانقطعوا عن العالم .. نسوا أنفسهم وملذاتهم . إلا لغة البذل والعطاء .. حتى غدوا شموعا .. شموسا .. جبالا شامخة في عالم الأدب والفكر في العالم .. دون محسوبية ولا مال .. إلا جهدهم ومحبة للحياة وللأمل .. كذا هو درب الشهرة .. ودرب الخلود … ودرب الإيجابية.. فالحياة التي نحياها قصيرة مهما طالت وقليلة مهما كثرت .. وعلينا أن نسأل أنفسنا ماذا قدمنا وماذا أخرنا فيها ؟؟ إن الإبداع لا يأتي من عدم .. وإن العظمة لا تأتي صدفة .. خذ لك مثلا : ابن خلدون .. لقد أسس علما كاملا .. اسمه علم الإجتماع .. قبل أن يصل إليه علماء العصور المتأخرة وبز فيه العلماء المتقدمين والمتأخرين .. وبعد أن طوحت الأيام بابن خلدون من إسبانيا … إلى المغرب إلى الجزائز إلى تونس إلر مصر .. إلى بغداد .. استقر ابن خلدون بمصر .. حيث تولى منصب قاضي القضاة .. ثم دعته ملكة الفكر والإبداع إلى التضحية .. فأغلق دونه الأبواب .. وفي قلعة ابن سلامة بمصر .. اختلى ابن خلدون بنفسه أربع سنوات.. أجل اعتزل ابن خلدون الناس أربعة أعوام كاملة في قلعة ابن سلامة بمصر .. ليكتب كتابه الشهير المقدمة .. وفيها أسس علم الإجتماع .. لا بد من الصبر والتضحية .. ولذلك عليك أن تبلغ الأمانة .. أمانة العلم والأخلاق وحسن المعاملة والمحبة والرحمة والتسامح .. وأن تكون قدوة .. ومن الطرائف في هذا الباب أن أبا حامد الغزالي صاحب كتاب إحياء علوم الدين كان يسير في بعض الطريق .. فاعترضه بعض اللصوص .. وافتكوا له جرابه الحاوي كتبه ومؤلفاته .. فما كان منه إلا أن لحق بهم .. وقال لهم : – ردوا إلى جرابي ومخلاة كتبي وسأعطيكم كل مالي الذي أخفيته عنكم .. وفعلا أعطاهم كل ماله .. ليفوز باسترجاع كتبه ومؤلفاته التي بقيت ذخرا للأمة .. وانتهى ماله .. وبقيت كتبه .. والعاقل من اتعظ .. ولكن أين الموعظة زمن الرقص والغناء والقصف والضحك المجاني ؟؟؟ … وأنا أتجول عبر العالم أتألم حين أرى العرب لا يطالعون .. بينما مفتاح الحضارة والتقدم في المطالعة .. ويغبطني أبنائي وأحفادي وأنا أقرأ كل يوم كتابا جديدا .. وأتعلم كل يوم شيئا جديدا .. وكل يوم يمر دون أن أقرا فيه .. ودون أن أتعلم فيها شيئا جديدا ونافعا هو خسارة من حياتي .. للأسف العرب لا يطالعون ولقد تجولت من تونس إلى السعودية إلى مصر إلى لبنان والإمارات .. شرقا وغربا فوجدت أن الداء الوبيل هو نسيان المطالعة .. وأمة لا تقرأ لا يحسب لها حساب .. وسافرت إلى فرنسا وألمانيا .. ورأيت الناس هناك يطالعون .. في الحدائق العامة .. وفي القطارات .. وفي السيارات .. إن الكتاب هو الوسيلة الأولى والأخيرة للثقافة والرقي والتقدم .. وليس الشريط .. ولا الأغاني ولا الأفلام ولا المسلسلات .. لذلك أدعو وبصدق إلى الإستثمار في الكتاب إن أردنا حقا التقدم والضرب بسهم وافر في ركب الحضارة .. لابد من تشجيع أهل الفكر والثقافة والوعي ورجال الدين على العطاء المميز كتبا ومجلات ودراسات وبرامج عمل وتعليم عمودها الفقري الأصالة والقرآن والسنة والإجماع ومذهب أهل السنة والجماعة .. اضمنوا للكاتب الحياة الكريمة .. إن أبسط ميزانية للأغاني والكليبات والأفلام والمسلسلات تمول وتكفل العيش الكريم لعشرات المفكرين والدعاة .. أعطوا منحا ومعاشات قارة لأهل الفكر والدين والثقافة الإسلامية كي يتفرغوا للكتابة والإبداع فلا كتابة دون تفرغ .. ودون مال وضمان مستقبل العائلة والأبناء .. خططوا الأهداف والوسائل .. ولكن التفرغ للبحث الفكري والثقافي والعقدي … هو الضامن الوحيد للتقدم
وجعله الله في ميزان حسناتكِ