تهيئة الأولاد لزواج فاشل!
أن نحب أبناءنا وبناتنا فلا يعني هذا بالضرورة أن طريقة تصرفاتنا معهم صحيحة، ودعوني هنا أستشهد بصورة للتصرف المضاد لمصلحتهم، بعض الأباء والأمهات حينما يعبرون عن حبهم من خلال تلبية كل ما يريده أبناؤهم وبناتهم، ينشأ الطفل ويكبر وليس بينه وبين الحصول على أي شيء إلا أن يقول لوالديه (أريد كذا)، وفَوْق ذلك فقد تم تفريغه من الواجبات والمسؤوليات الأسرية، فلا تكلَّف البنت بأي عمل في البيت بحجة أنهم يريدون أن تتفوق في دراستها، وأن في البيت خادمة تقوم بالواجب وزيادة، ومثلها الولد لا يعتمد عليه في شراء الخبز فضلًا عن غيره!، ويكبرون وتكبر معهم الاتكالية، وعدم الشعور بالمسؤولية، يكبرون وتصغر خبرتهم في الحياة مقارنة بأقرانهم، يكبرون ولا يتحملون توقف أي من البشر في طريق رغباتهم، يكبرون وهم يرون حقهم في تحقق كل أمنية، ولا يرون على أنفسهم واجبًا تجاه أحد.
يوم زواج أحدهم يشكل صدمة له، فهو محاط بواجبات لم يتعلمها، ومهام لم يتدرب عليها، حتى تأهيله النفسي ليس على مستوى أن يتعايش مع علاقة تتطلب تقديم شيء من التنازل، وإيثار التغافل عن أخطاء الطرف الآخر، هو لا يستطيع أن يتخذ قراراته بمفرده، وهي لا تقدر على تحضير إفطاره!، وكل منهما أتى إلى هذه العلاقة معتقدًا أنه سيحتفظ بالامتيازات التي كانت له قبل الزواج، وثمة امتيازات أخرى إضافية!، لم يؤهلا للواجب الذي يلزم كل منهما.
أرأيتم كيف يجعل بعض الآباء والأمهات من أبنائهم وبناتهم (مشروعًا لزواج فاشل) بعدم تهيئتهم وتأهيلهم؟
كونا نموذجًا جيدًا لأولادكم؛ ليروا منكم شعورًا بالمسؤولية تجاه هذه العلاقة، وليروا بينكم تقديرًا متبادلًا، وتغاضيا عن صغائر الأمور، كلفوهم من الأعمال ما يطيقون، وتدرجوا في تدريبهم، فوِّضُوهُم، وتحملوا منهم أخطاء البدايات، وثقوا أن المسؤولية المنزلية لن تضر بدراستهم، علموهم كيف ينجحون في حياتهم، قبل أن تفرغوهم ليتفوقوا في دراستهم.
هناك من يكلف أبناءه دون الخامسة عشرة بشراء حاجيات البيت، واستقبال الضيوف، وهناك من درب بناته على تنفيذ كل المهام في البيت.
كلفوا كل واحد من أبنائكم وبناتكم بالمشاركة في إنجاز مهمة أو مهمتين يوميًا.
التأهيل الجيد مكلف، لكن عواقب الإهمال أكثر كلفة.