تمر الأم خلال مراحل الحمل بالكثير من التغيرات التي تثير العجب أحياناً، لكنها تمر بثقل أحياناً أخرى: فمن الشعر الخميل، إلى حالات عسر الهضم التي تدفع إلى التجشؤ، إلى الزيادة في الوزن التي ترافقها آلام المفاصل…
ويبرز هنا سؤال: هل من المقدر أن تحمل المرأة علامات الأمومة إلى الآبد؟؟
الجواب: إن هذا يعتمد على طبيعة تلك العلامات، فالكثير منها كضيق النفس وتنفخ الجسم تنقضي بالوضع، بيد أن أخرى قد تستمر في وجودها لستة أشهر إضافية بعد الوضع، وثمة أمور لن تعود إلى ماكانت عليه سابقاً…
كيف يسترد جسمك طبيعته؟
الأسابيع الستة الأولى بعد الوضع:
لاريب أن عواقب المخاض تلقى بظلها حتى عدة أسابيع بعد الوضع، نظراً لما تسببها من بعض الحالات المرضية من قبيل البواسير الشرجية، أو رخاوة المثانة وعدم القدرة على التحكم بها.
وتستمر هذه الآثار المزعجة لمدة قد تصل إلى الشهر. والولادة الطبيعية ليست شرطاً لحدوث تلك المشاكل، فالضعف الذي يعتري عضلات الجسم في تلك المناطق أثناء الحمل يجعلها مهيأة لحالات مشابهة حتى لو تمت الولادة بالجراحة القيصيرية، أما بالنسبة للتمدد الذي يصيب عضلات المهبل فيمكن معالجته عن طريق ممارسة تمارين كيغل.
والحمل يجلب تغيرات هامة على الثديين، فبداية من الفترة الثالثة للحمل، يزيد الجسم من إفرازه لهرمون البرولاكتين الذي يمهد لإفراز الحليب، وتصبح الحلمتان أقسى بسبب ذلك، بينما يتضاعف عدد جيوب إفراز الحليب، وتصبح الحلمتان أقصى بسبب ذلك، بينما يتضاعف عدد جيوب إفراز الحليب، ويزداد حجم خلايا الأنسجة الدهنية. وعندما يفرز الحليب من الثديين بعد الولادة بحوالي 48ساعة فإنهما يصبحان قاسيين كالصخر، وينتفخان ويثيران الحكة والألم، ولاشك في أن عملية إرضاع المولود ستكون مؤلمة للغاية في بادئ الآمر.
لكن ذلك الحال لايدوم طويلاً، فخلال الأسبوع الأول من الوضع يتمكن الجسم من تنظيم نفسه، وحساب كمية الحليب التي ينبغي إفرازها في اليوم .. إلا أن الألم في الحلمتين يستمر لمدة أسابيع أخرى، على أن تخفيفه ممكن عن طريق ارتداء حمالات مناسبة، أو استعمال كمادات الثلج.
ومع حلول الأسبوع السادس بعد الوضع يستعيد الرحم حجمه الطبيعي الذي كان عليه قبل الحمل، ويتماثل جرح القيصرية (إن كانت العملية أجريت) للشفاء، وكذلك الحال بالنسبة لشق الفوهة الفرجية في حال الولادة الطبيعية. وفيما ينحدر مستوى هرمونات الحمل في الدم، تتلاشى تدريجياً البثور والبقع والكلف الجلدية التي كانت قد ظهرت أثناء الحمل.
ومتى عادت الأمور إلى طبيعتها يصبح من الممكن ممارسة الحياة الزوجية من جديد … لكن الكثير من السيدات يدور في ذهنهن السؤال التالي: كيف يمكن أن يعود فرج المرأة الذي توسع جداً ليخرج رأس المولود الجديد إلى شكله الطبيعي؟؟
في الحقيقة على عكس ما قد يظنه البعض، فإن عضلات تلك المنطقة تكون مشدودة أكثر من ذي قبل بعد الولادة بفضل هرمون الحليب (البرولاكتين) الذي يسهم في تخفيض مستويات الآستروجين، ويعيد للمرأة وضعها السابق بالنسبة للنشاط الجنسي، على أن تبدأ المعاشرة بتريث، لأن الإرهاق الذي مرت به المرأة أثناء الحمل بالإضافة إلى خلطة الهرمونات الموجودة في جسمها قد لاتعيد لها إحساسها الذي كانت تتمتع به قبل الحمل.
خلال ستة أشهر من الوضع.
بينما تقترب المرأة من الشهر السادس بعد وضعها، يساورها شعور بأنها تحسنت كلياً من الناحية الجسدية، على أن هذا الإحساس لايعني أن جسدها سيعود تماماً إلى ما كان عليه سابقاً، وقليلة هي الحالات التي تعاود فيها الأم استعمال ما كانت ترتديه قبيل الحمل خلال هذه المدة القصيرة.
وفي الواقع يقدر أن خسارة الوزن المكتسب أثناء الحمل تتطلب أربعة أشهر على الأقل. لكن يمكن التسريع قليلاً كي لايطول الأمر أكثر، حيث تنصح السيدة بمزاولة المشي اليومي بمقدار 15 إلى 20 دقيقة، وبمراقبة كمية الطعام التي تستهلكها، فإرضاعها لطفلها يتطلب منها زيادة 500 سعرة حرارية في اليوم لاأكثر.
وبعد الولادة، تصيب الجسم ترهلات كثيرة، لعل معظمها يتركز في منطقة البطن بحيث أنها لاتعود إلى ما كانت عليه إلا بعد مضي فترة طويلة، فما اكتسبه الجسم خلال تسعة أشهر من الحمل يحتاج إلى مدة مماثلة على الأقل كي يخسره. وتعاني الأم خلال هذه المدة من آلام في ظهرها بسبب زيادة الوزن، فضلاً عن حملها المتواصل لرضيعها.
ومع مرور الشهر الثالث بعد الوضع تبدأ خصلات شعر الأم بالتساقط بغزارة بسبب انخفاض مستويات الهرمونات التي ساعدت في طول عمر الشعرة أثناء الحمل.
ولايقتصر تأثير هرمونات الحمل تلك على شكل الجسم فحسب، بل تؤثر على لون الجلد أيضاً، فتتسبب بحدوث التبقعات والكلف، التي يمكن إخفاؤها مؤقتاً باستخدام مستحضرات التجميل لحين انقضاء فترة الرضاعة حيث يمكن معالجتها دوائياً.
بعد الوضع بسنة:
يحمل جسد المرأة ذكريات كثيرة من فترة الحمل ترافقه حتى بعد أنقضاء سنة على تلك التجربة، وبعض هذه التغيرات يكون خافياً على العين لايراه سوى الطبيب او الطبيبة من قبل جروح الفوهه الشرجية، وبعضها يكون أكثر وضوحاً كالآثار البسيطة التي تبقى من جرح العملية القيصرية الذي لاتخفى آثاره نهائياً.
وقد يستمر ظهور الخط البني الغامق أسفل البطن لفترة طويلة تمتد لسنوات، وتبقى علامات تمدد الجلد واضحة وظاهر للعيان، لكن لونها يصبح فاتحاً بعد أن كان أقرب للاحمرار أثناء الحمل. وقد تحتاج الحامل إلى مساعدة الطبيب للتخلص من عروق الدم العنكبوتيه في ساقيها وعروق الدوالي الناجمة عن الضغط الكبير الذي يتلقاه جهاز الدوران.. فالأولى يمكن أن تعالج بالليزر، أما الثانية فقد تحتاج إلى حقن بالمواد المصلبة أو تداخل جراحي، ومن ثم بين جملة التغيرات المحتملة تغير حجم الثديين بشكل يتفاوت بين كبر الحجم السابق أو صغره.
بيد أن آثار الحمل ليست كلها سيئة الوقع، فكيراُ ما يتحسن شكل السيدة بعد الوضع بسبب ما تعتاد عليه من زيادة حركتها سعياً لتلبية متطلبات مولودها.
وإذا كانت المرأة تعاني من انتباذ البطانة الرحمية – وهي حالة تتمدد فيها البطانة الرحمية بشكل كبير يؤدي لآلام مبرحة أثناء الحيض – فإنها ستزول تماماً بفضل الكميات الكبيرة من هرمون البروجسترون التي يفرزها جسم الحامل، فضلاً عن أن الزيادة هذا الهرمون أثراً كبيراً في التقليل من إمكانية الإصابة بسرطان الرحم أو المبيض أو سرطان بطانة الرحم في المستقبل.
ومن آثار الحمل الطريفة التي بينتها دراسة أجرتها جامعة فيرجينيا عام 1999 أن الحمل يجعل الأم أكثر ذكاء، لآنه يحدث تغيرات طويلة الأمد في الدماغ، فتصبح أكثر قدرة على التفكير والمحاكمة، وتقل لديها احتمالات الإصابة بداء "ألزهايمر".
وسواء استمرت آثار الحمل لستة اسابيع أو ستة اشهر أو أكثر، فلابد أن تضع الأم في ذهنها أن متعة الأمومة ومتعة تربية الطفل تجعلها لاتلتفت إلى أي شيء آخر، وإذا كنت أماً فأنت أكثر من يفهم ذلك…
منقوووووووووووووووول
يعطيكي العافيه