داء العشق -اسلاميات 2024.

قوم لوط والنساء واخبر عن عشق امراة العزيز ليوسف وما راودته وكادته به واخبر عن الحال التي صار اليها يوسف بصبره وعفته وتقواه

مع ان الذى ابتلى به امر لا يصبر عليه الا من صبره الله عليه فان موافقة الفعل بحسب قوة الداعى وزوال المانع وكان الداعى هاهنا في غاية القوه ومع هذه الدواعى كلها فقد اثر مرضاة الله وخوفه وحمله حبه لله على ان يختار السجن على الزنى

والطائفه الثانيه الذين حكى الله عنهم هم اللوطيه قالى تعالى:

وجاء اهل المدينه يستبشرون قال ان هؤلاء ضيفى فلا تفضحون واتقوا الله ولا تخزون قالوا اولم ننهك عن العالمين قال هؤلاء بناتي ان كنتم فاعلين، لعمرك انهم لفى سكرتهم يعمهون

فهذا من العشق وهذا داء اعياء الاطباء دواؤه وعز عليهم شفاؤه وهو والله الداء العضال والسم القاتل الذى ماعلق بقلب الا وعز على الورى استنقاذه من اساره ولا اشتعلت ناره فى مهجة الا وصعب على الخلق تخليصها من ناره
هو اقسام ..

تارة يكون كفرا كمن اتخذ معشوقه ندا يحبه كما يحب الله فكيف اذا محبته اعظم من محبة الله في قلبه ؟؟ فهذا عشق لايغفره الله لصاحبه

فانه من اعظم الشرك والله لا يغفر ان يشرك به وعلامة هذا العشق الشركى الكفري ان يقدم العاشق رضا معشوقه على رضاء ربه والعياذ بالله منه واذا تعارض عنده حق معشوقه وحق ربه وطاعة ربه وطاعته قدم حق معشوقه على حق ربه …

وكثير من العشاق يصرح بانه لم يبقى في قلبه موضع لغير معشوقه بل قد ملك معشوقه عليه قلبه كله فصار عبدا مخلصا من كل وجه لمعشوقه فقد رضى هذا من عبودية الخالق جل جلاله بعبوديته لمخلوق مثله

واصبح قلب العاشق اسير فى قبضة معشوقه يسومه الهوان ولكنه لسكرة العشق لا يشعر بمصابه فقلبه كالعصفور فى كف الطفل يورده حياض الردى والطفل يلهو ويلعب ..

وهناك العاشق يشتغل عن مصالح دينه ودنياه فكلما قرب قلبه من معشوقه وقوى اتصاله به بعد عن الله وان بعد القلب فان الشيطان يتولاه من تولاه عدوه استولى عليه

اذا تمكن العشق من القلب واستحكم منه وقوى سلطانه افسد الذهن وحدث الوساوس وربما التحق بالمجانين واخبار العشاق فى ذلك موجوده في مواضعها بل بعضها يشاهد بالعيان واشرف مافي الانسان عقله وبه يتميز عن سائر الحيوانات فاذا عدم عقله كان حال الحيوان اصلح عنه

ودواء هذا الداء القتالان يعرف ان ماابتلى به من هذا الداء المضاد للتوحيد انما هو جهله وغفلة قلبه عن الله
فعليه ان يعرف توحيد ربه ثم ياتى من العبادات الظاهرة والباطنه بما يشغل قلبه عن دوام الفكر بالمعشوق ويكثر اللجأ والتضرع الى الله ان يصرف عنه ذلك وان يرجع قلبه اليه

آفات العشق

الاولى الاشتغال بذكر المخلوق وحبه عن حب الله تعالى وذكره فلا يجتمع في القلب هذا وهذا الا يقهر احدهما صاحبه ويكون له السلطان والغلبه له

الثانيه عذاب قلبه بمعشوقه فان من احب شيئا غير الله عذب به

كما قال الشاعر
فما في الارض اشقى من محب وان وجد الهوى حلو المذاق

تراه باكيا في كل حين مخافة فرقه او لاشتياق

فيبكى ان ناوا شوقا اليهم ويبكى ان دنوا خوف الفراق
فتسخن عينه عند الفراق وتسخن عينه عند التلاق

بعد هذا الكلام لابن القيم رحمه الله اقول .. ربي استودعتك قلبي لا تدع احد فيه غيرك …