انطلاقا ً من " وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين "
قصة قصيره .. عشت تفاصيلها في السنه الثانيه من المرحله الإبتدائيه .. اترككم معها ..
لم تكن بداية هذه السنه كسابقتها .. ففي العام الماضي كان الاسبوع الأول من الدراسه .. مرح وتسليه .. حلويات وسباق .. ركض وضحك …
اما ونحن الآن في الصف الثاني .. فالوضع جدا ً مختلف … ارى بعيني ضيوف المدرسه ابناء الصف الأول .. وهم يلهون ويلعبون وتقدم لهم الحلويات .. ونحن تتقدم خطوه للصف .. ونتأخر خطوتين … عل وعسى ان نحظى بشيء مما يناله ابناء الصف الأول ..
دخلنا الصف .. ابتدا العام الدراسي … لم يكن هناك مايستحق الذكر ..
الى ان اتت الاشعارات الشهريه .. والتي تقول بأن الطالب ابراهيم حاز على الترتيب الأول على الصف .. وسهيل على الترتيب الثاني … وصالح على الترتيب الثالث .. والبقية تأتي ..
فرحت جدا ً .. فالثالث على مستوى الصف ليس بالأمر السىء .. ( لازلت اتمنى لو ان هذا الترتيب استمر الى التخرج او مابعد التخرج .. ولكن …….. )
احسست بنوع من القدره على تحقيق أفضل من ذلك .. فليس امامي سوى طالبين لتحقيق الترتيب الأول على مستوى الصف … وبعدها اذهب الى البيت لأرتمي في احضان والدتي .. واقول لها بأنني الأول .. الأول …
حاولت .. اجتهدت .. ثابرت … وكانت تمر الأيام سريعه … درس يليه درس .. ثم فسحه .. افطار مع ابراهيم وسهيل وبعض الزملاء … تلهبنا الشمس .. فنركض الى تلك الشجره .. نستظل بها .. ونلعب … لا نمل من اللعب .. حتى نسمع كابوس الجرس !!
فنذهب الى الصف .. وتستمر الحركه .. لاجديد .. يأتي الوكيل .. يسأل ….
كم عدد الطلاب الذين لم يحضروا اليوم .. ومن هم ؟!
فنجيب .. عددهم كذا وكذا .. وهم .. فلان وفلان …….
جاءت الاشعارات … كنت متشوق جدا ً لرؤية ترتيبي على الصف .. دعاء .. رهبه …. خوف الى حد الارتجاف !!! خوف الأطفال .. ومنافسة الاصدقاء ……
استلمت اشعاري .. فوجدت ترتيبي الثالث …
ركضت الى ابراهيم .. فوجدته الأول …
ركضت الى سهيل .. فوجدته الثاني …
احسست بنوع من خيبة الأمل .. فأنا اجتهدت ولم اتقدم … اخشى ان يعتقد اصدقائي بأني لم اضاعف مجهودي .. لذلك لم يتغير مستواي … اقسم بأني اجتهدت !!!
مرت الأيام .. خرجت من المدرسه بعد انتهاء الدوام ،، كانت الشمس حارقه .. ولكن بيتنا قريب جدا ً ..
حملت حقيبتي على كتفي .. اضع يداي على رأسي .. خوفا ً من خيوط الشمس .. في منظر طفل برىء جدا ً .. متشوق الى البيت … ليحكي لوالدته تفاصيل يومه
وانا اتجاوز باب المدرسه .. متجها ً الى الشارع …. وجدت تجمع وتجمهر غريب وعجيب .. وكثيف !!!
كان احد المتهورين (( يفحط )) بسيارته المتهالكه .. امام المدرسه .. لم يراودني التفكير ابدا ً ان اذهب لأرى … بل راودتني نفسي ان اسرع اكثر الى المنزل ..
فعلا ً وصلت المنزل … ومر اليوم عاديا ً … لا احداث تذكر .. سوى " اللعب "
حضرنا غدا الى المدرسه .. درس يليه درس .. وفسحه .. ولعب ….
جاء الوكيل .. يستفسر عن الغياب ..
القينا نظره على عامة الصف ..
عددهم كذا وكذا .. وهم فلان وفلان وسهيل
جاء يوم الغد .. وبنفس التفاصيل .. ونفس السيناريو ..
جاء الوكيل .. يأخذ الغياب ..
القينا نظره على عامة الصف ..
عددهم كذا وكذا .. وهم فلان وفلان وسهيل
لماذا غاب سهيل !!! اين هو ؟؟؟ ربما اعياه المرض .. لابد ان يأتي غدا ً .. لاااابد
جاء يوم الغد .. وقد اختلف السيناريو قليلا ً ….
حضر الوكيل .. يأخذ الغياب ..
القينا نظره على عامة الصف ..
عددهم كذا وكذا .. وهم فلان وفلان وسهيل ..
لم يخرج الوكيل كعادته !!! وقف وقال …
لاتقولوا سهيل بعد اليوم …. لأن سهيل مات
كم هي صدمه .. كم هو خبر ثقيل جدا ً .. جدا ً … التفت على طاولته …. سهيل .. سهيل … ارجوك … اين انت ؟؟؟
هنا كان سهيل .. هذه طاولته .. هذا كرسيه ………
اتضح لنا فيما بعد .. بأن سهيل مات … بسبب ذلك التفحيط الذي حدث بجوار المدرسه .. حيث دهسه ذلك المتهور … وتقطع جسد سهيل الطاهر ……
بعد ان تلقينا الصدمه …. وبعد ان انتهى اليوم الدراسي ..
خرجت وكانت اشعة الشمس تحرقني .. لا ادري هل كان الجو فعلا ً ملتهب .. او انها حرارة جسمي الحارقه …
وصلت البيت كئيبا ً .. رميت حقيبتي من على كتفي ..
ذهبت الى والدتي …. وببراءة الأطفال .. قلت لها :
(( يمه .. يمه .. خلاص انا بيكون ترتيبي الثاني .. لأن سهيل مات ))
كل ماتذكرت ردة فعلي هذه … شعرت بقسوة الموقف .. وادركت مدى براءة الاطفاااال …..
الى جنة الخلد يا سهيل …