السلام عليكم
– عبد الكريم العامري / باحث اجتماعي
إن العوق ظاهرة تعم المجتمع العراقي . كانت و لاتزال بسبب كثرة الحروب والمنازعات التي وقع فيها ضحية الشعب العراقي بسبب أو باخر ، مما تشكل الظاهرة سمة بارزة يجب اطالة الوقوف عندها ، لغرض الاستقصاء والدراسة والتخطيط للوصول الى الحلول اللازمة .
فبالإضافة إلى حالات العوق المتوارثة نتيجة الحروب و الحوادث و الولادات غير الطبيعية و الوراثة والبيئة والأسباب المرضية ازدادت اعداد المعوقين بعد سقوط النظام وما أصابه من تغيرات اجتماعية .
وكما هو معلوم فإن التفجير الواحد يؤدي الى عدة ضحايا ، مثل الوفيات و المعوقين و الأرامل والمطلقات و الأيتام و المشردين واللصوص وانهيار اقتصاديات كثيرة من المشاريع الصغيرة والكبيرة التي يعمل فيها الناس ومرضى النفس والعقل نتيجة صدمة الصوت و الصورة المفجعة …الخ
إن المعوق بأبسط تعاريفه هو : كل من نقصت أو انخفضت لديه قدرة ما بشكل أو بأخر جعلته غير قادر كليا أو جزئيا على أداء نشاط أو عدة نشاطات لوحده مثل بقية الإفراد فاطلق عليه تسمية ذي الاحتياج الخاص …
وقد اوردت اتفاقية حقوق الطفل جميع المواد التي تتعلق بكرامته كانسان ، خصوصا المادة رقم 28 و29 التي تشير إلى التطبيق المتساوي للبرامج على الأطفال المعاقين ، مع هدف مضاف لتعزيز الدمج الاجتماعي .
إن دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مع النظام الاجتماعي ، مطلوب حيث يكون هذا الشيء مهما جدا لمصلحة الطفل . ويجب إن يكثف المجتمع في صور ، الأهل ، المدارس ، مؤسسات دينية و صحية واجتماعية وتربوية وإعلامية ،لتعريف وتقييم ومساندة الأطفال الذين يقاسون من العوق الجسدي ، ضعف البصر ، صعوبة الكلام ، ضعف السمع ، الاضطرابات العاطفية وبتر الأطراف بأنواعها…الخ
وينبغي تركيز الاهتمام على الاسرة باعتبارها الحاضن الأول للطفل ، حيث تمر تقريبا بثلاث مراحل من المعاناة وهي : الأزمة ، القبول والتقبل ، ثم التبني أي استقبال وتطبيق النصائح والبرامج . ويجب أن يكون حاضرا في الذهن … انه مهما كانت الإعاقة فإنها لا تلغي الطاقة .
إن أفضل التوصيات تتضمن إبقاء الطفل أو إعادته حيث ما تيسر لأسرته بدلا من وضعه في المؤسسات الإيوائية . وذلك ليتمتع بفوائد بقاءه ضمن الحياة الأسرية قدر الإمكان لينعكس إيجابا على نموه النفسي خاصة .
إذا كان الوالدان و الأسر متساوين في مسؤولياتهم في هذا الاعتبار فانه يجب أن يكون لديهم الاستعداد للمساعدة وان يكونوا مطلعين ومتفهمين للمشكلة حتى ولو لم يكن لديهم طفلا معوقا .
إن إعطاء المعلومات المناسبة للوالدين عن الحالة … له أهمية خاصة لتقبل حقيقة وجود ابن معوق … وهذه المعلومات تساعدهم في :
1ـ الوصول الى فهم ليس فقط للمشكلة ولكن لمواجهة المشاكل التي تكمن خلفها ومعرفة إمكانيات الطفل وقدراته للتعلم والتدريب ، والى أي مدى يستطيعون عقد الأمال بحالته الصحية .
2ـ للتغلب على المتاعب التي تعتري أسرة الطفل المعوق والتي كثيرا ما تكون قاسية على الأطفال و الوالدين على السواء .
3ـ لتجنب أخطاء السلوك في مثل هذه الحالات ولتكون حماية لهم . مثل حالات سوء التغذية و التطعيم وتناول الأم المخدرات والأدوية أثناء فترة الحمل و الحرمان العاطفي لبعض الأطفال .
4ـ للتعاون بأثر وفاعلية في معالجة الحالة و في التعليم و التدريب وفي تأهيل المعوق.
ومما لابد من تذكره دائما إن الوالدين يلعبان الدور الرئيسي و الثابت في تعليم أطفالهم و في تثقيفهم ولهذا يجب أن يكون لديهم المعرفة اللازمة لاعتماد الإجراءات التي يجب اتخاذها في مثل هذه الحالات ، ولعمل هذا يجب أن يكونوا على معرفة بالخدمات المستحدثة لهذه الغاية ، أما من وجهة النظر الطبية ، فان توفير معلومات مناسبة للوالدين يساعد في ضمان تعاونهم في أية معالجات تعطى للطفل أو غالبا لإقناعهم بأنها حماية لهم من التردد على الأطباء المتعددين على أمل الحصول على الشفاء الممكن للحالة .
إن الوالدين يسعون بداهة للأطباء للحصول على شيء ايجابي ومفيد عندما يكون لديهم حالة عوق . ومن الأساسي أن يكون الأطباء قادرين على إعطائهم المعلومات الصحيحة ، و لضمان هذا فان الأطباء أنفسهم يجب إن يكونوا متفهمين و مثقفين بهذا الخصوص ،.والمعلومات الطبية يجب إن تخدم الوالدين كي لا يكونوا ضحايا للدجل الواسع الانتشارهذه الأيام بهذا الحقل .
إن الوسائل الحيوية في تثقيف ومساعدة الوالدين و الأسر تتم من خلال نشر و توزيع المعلومات كما إن روابط الإباء أو الروابط التي تضم الإباء و المختصين والعاملين مع ذوي الاحتياجات الخاصة يمكن إن يكون لها دور فعال بهذا الخصوص .
كما إن النصائح التثقيفية يمكن آن تعطى للوالدين من قبل الباحث الاجتماعي المختص , أو من خلال مراقبات السلوك , و ممرضات الرعاية الاجتماعية أو الأطباء سواء أكان ذلك في البيت أو في المراكز المتخصصة المنتشرة في إرجاء البلاد أو إلقاء المحاضرات بقصد التوعية في المدارس .
إن النصائح في مرحلة قبل المدرسة للأطفال يمكن أن تنظم حسب الحاجة والضرورة وبالتنسيق مع كل من يستطيع أن يلعب دورا إنسانيا في هذا المجال .
إن تعليم الجمهور يبدأ بالمدارس من خلال دروس خاصة بموضوعات العوق و المعوقين ، يتبعه عرض أفلام في مواضيع يختارها أخصائيون ، وهذا الأسلوب يعطي أثارا جيدة .
في كافة المناطق الريفية و الحضرية يجب الأخذ بعين الاعتبار تنمية الأطفال ، فاللازم تعبئة الخدمات و النشاطات الاجتماعية و الاقتصادية الوطنية .
وينبغي إعطاء الكثير من الاهتمام والانتباه الى وسائل الاعلام كافة لتغيير النظرة العامة للمعوقين . ومن الواجب الثقافي توزيع الكتب والنشرات والصحف التي تتضمن مجالات التقدم في ميادين العوق ومعالجاته
من الضروري ايضا أن يتركز الاهتمام بالبالغين وقدراتهم في الانخراط بالمجتمع وتاهيلهم للعمل سواء كان في الصناعة اوالتجارة بشكل عام أو في المشاغل المحمية.
في مجتمعات كثيرة هناك روابط للإباء و العاملين المتطوعين , تلك الروابط التي أحدثت أثرا مهما في تنوير الرأي العام بموضوعات العوق بأنواعه المتعددة.
إن مثل هذه النشاطات يجب أن توجه و تشجع . كما إن تأسيس اتحادات أو جمعيات على المستوى الوطني يجب دعمه من قبل الدولة و منظمات المجتمع المدني ، إضافة إلى تبادل الخبرات و المعلومات مع الاتحادات العالمية و العربية ليشكل نشاطا ملحوظا في تشجيع وتنمية تبادل المعلومات من خلال المطبوعات و الندوات و المؤتمرات .
المسالة ألان في أهمية إصدار تشريع يناسب المعوقين و استحداث بنك للمعلومات العلمية والطبية العامة حيث تبرز الحاجة اليها في مجال الحماية وفي التثقيف للحالات الحديثة العوق والصعبة منها خاصة ، وفي مجال زج المعوقين البالغين في المجتمع أو إبقاء المعوق ضمن أسرته مع صرف حافز مادي لهم لتغطية نفقاته حيثما يتيسر ذلك .