فى رحاب اية:(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) ق)
………………………………………….. ………………………………………….. .
هذه الآية في سورة ق التي هي من السور التي تضطرب لها القلوب فيتذكرها من يريد أن يقترب من الله تعالى، سورة تختلط بحنايا النفس وبحالة الإنسان الذي يريد الإقتراب من االله تعالى إقتراباً صادقاً فيه النفع بالخشية والإنابة. تهتز لها الأعماق وتضطرب لها النفوس وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتجف منها خشية من الله تعالى لما فيها من معاني وعبارات. عندما نقف أمام هذه الآية ونتأملها ونتأمل هذا المعنى لا يمتلك الإنسان إلا أن يتساءل عن قصة هذه الآية وما المغزى المراد منها؟
(قد) تفيد التحقيق، فالمولى عز وجل يقول أنه هو الخالق وأنت مخلوق والعلاقة بين الخالق والمخلوق هي علاقة سيّد بعبده، أو علاقة رب بمربوب، بناء عليه فما هو تقديرك للمسائل عندما تعرف أنك لست بخالق؟ عليك أن تفوض أمرك إلى خالقك لأنك أنت مخلوق.
(ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) في وقت إنتشر فيه الإلحاد والكفر وقلّ فيه من يعرف عظمة الخالق من كل شيء يراه. الآية أثبتت ثلاثة أشياء: الخَلْق، العِلم والقُرب. هذه متلازمات ثلاثة في الآية. معلوم عند السامع أن القرآن يقصد أن الله تعالى أقرب إليك منك، الشريان الذي يوصل القلب والمخ هو الحبل الوريد المقصود ولو انقطع الدم للحظة واحدة يتحول الإنسان الحيّ إلى ميت. لما خلقك الله تعالى أوجد عليك حقاً. والخلق هو الإيجاد وعندما أوجدك الله تعالى هناك حقٌ ودين وتكليف لك. والله تعالى لم يخلقك عبثاً لأنه لا يخلق عبثاً سبحانه. يترتب على الخلق حقوق على المخلوق أولها التكليف فلا بد لك أن تعرف أنك ما دمت مخلوقاً فأنت مكلف ولا يوجد مخلوق من غير تكليف. كل الكائنات مسخّر للحمد والتسبيح. (يا أيها الإنسان ما غرّك بربك الكريم) مسألة التسخير واقعة عليك لا محالة فطالما أنه تعالى خلقك – في الحديث القدسي: يا ابن آدم خلقت كل الكون لك وخلقتك لي فلا تنشغل بما هو لك عما أنت له – سخّر سبحانه لك ما في السموات والأرض (جميعاً منه) حتى تعرف أن هذا التسخير ليس بإرادتك. عندما يخلق المولى تعالى فأنت مكلف (وما خلقت الجن
والإنس إلا ليعبدون) التكليف بالعبودية فلا بد أن تكون عبداً فهل عبدت الله وأدّيت ما أمرك به؟
في سورة الناس (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)) ذكر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس. هناك نوعان من الوسواس: نوع من الجن ونوع من الإنس (من الجنة والناس) هذان النوعان عبارة عن موسوِس وموسوَس إليه. والوسوسة هي نوع من الإيحاء الخفي بين إثنين يمكن أن يكون جنياً أو إنسياً يوسوس. والوسواس عبارة عن طرفين كما ذكرنا ويمكن أن يكون هناك ثالث يسمع فما رأيك إذا كانت الوسوسة بينك وبين نفسك فمن يسمعك سوى الله تعالى؟ الآية فيها إعجاز كبير (ونعلم ما توسوس به نفسه). الوسواس في سورة الناس بين اثنين والوسوسة في سورة ق بين الإنسان ونفسه لا يسمعها إلا الله تبارك وتعالى الذي يعلم السر وأخفى سبحانه. حديث النفس يعلمه الله تعالى الخالق العظيم العليم القريب فإذا كانت لك حاجة، لو كلمت نفسك ودعوت الله تعالى فإنه مطلع على قلبك ولو دعوت بقلبك أجابك الله تعالى فهو السميع المجيب سبحانه. أسأله أن يتقبل منا ويغفر لنا ويسامحنا بما وسوست به أنفسنا فهو مجيب الدعاء.
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
رب اجعل اخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين