ماذا لو فشلتِ في تجربة الزواج؟
تتحدث خبيرة العلاقات الاجتماعية "كريستين ويبر" عن موضوع: "كيف تجدين طريقك في الحياة"؟ فتقول:
هل هناك في الحياة ألم أكثر من قلب مجروح؟ لا أعتقد ذلك، فالشخص المحطم القلب يملؤه الشعور بالوحدة والخوف، ويكون الموت خيارا سهلا جدا عنده، أعرف هذا الشعور جيدا سواء من تجربتي الشخصية أو من خلال الأشخاص الذين يترددون على عيادتي طلبا للاستشارة.
ومثل جميع الناس مررت بهذه التجربة حين كنت في سن المراهقة، وما زلت أتذكر الألم الذي سببته لي، وكان قلبي مدفونا تحت أطنان من الركام، لكن الألم الذي عانيته وأنا في الثلاثينيات من عمري كان هو الأقسى.
بعد تجربة زواج تعيسة، اعتقدت أنني قد وجدت الشخص المناسب، الذي سيكون أبا لأولادي، ورفيقا فحياتي، وركزت محور حياتي ومستقبلي حول هذا الشخص. إلا أنه حين هجرني، لأنه لم يكن يفكر في الارتباط الجاد، أحسست وكأن كل العالم من حولي قد انهار وتحول إلى حفنة من تراب.
هذا هو نفس الشعور الذي يمكن أن تشعري به أنت، فالأمر ليس فقط مجرد فقدان الشخص الذي تحبين، بل انهيار كل الأحلام والخطط وتاريخك معه، وإيمانك وثقتك أن هذه العلاقة ستدوم إلى الأبد، وأنك لن تكوني وحيدة بعد اليوم أبداً. وحينها ستشعرين أنك لن تجدي الشخص الذي ستقضين معه أوقاتا جميلة في العطلات أو ترتاحين علي كتفه في المواقف الصعبة، ما أقسى هذا الإحساس بالفقد الذي تشعرين معه كأنك تودعين محور وجودك كله، لكن الأمر ليس كذلك، ويجب أن تتمسكي بأنه ليس كذلك، فهذه نقطة مهمة، لأن معظم ما فقدته كان يتعلق بعلاقة حب، أكثر من كونه ينصب على الشخص الآخر ذاته، لذا فمن الممكن أن تكرري التجربة مرة أخرى، ليس مع نفس الرجل بل مع غيره، ربما تشعرين أنك تفتقدين وجوده، عندما كنت تخرجين معه لتناول العشاء تتنزهان في الحديقة، إلا أن كل هذه الأشياء يمكن أن تتواجد في حياتك مرة أخرى مع شخص آخر، لأنه لم يكن متفردا بها وحده.
حاولي السيطرة على آلامك
حاولي ألا يجعلك تفكيرك غير المنطقي تشعرين أنك تعيسة، لأن معظمنا حين نمر بمثل تلك الأزمات نقول: "أشعر أني مرفوضة، ولا أستطيع تحمل هذا" بالطبع كل هذا مفهوم، لكنك تضاعفين حالة الاكتئاب لديك عندما تقولين شيئاً غير منطقي مثل: لن يحبني أي شخص مرة أخرى، وستكون الحياة جحيما منذ الآن فصاعدا. لكن الأمر ليس هكذا في الحقيقة، وبقليل من المساعدة يمكن أن تتخطي هذه الأزمة.
ليس مهما مقدار الألم الذي تشعرين به، حاولي أن تحصري ألمك بما يحدث بالفعل، وليس في توقعاتك السلبية لما يمكن أن يحدث (أو لا يحدث) في المستقبل.
لا يمكنني أن أعدك بعلاقة جديدة رائعة، إلا أنني أستطيع القول: إن كثيرا من الناس يجدون ويستمتعون بالحب في سن الأربعينيات وما بعده أكثر من قبل.
قد تقولين إن المشوار طويل، لأبدأ علاقة جديدة، لكن هذا هو ما يجب أن يحدث بالضبط، لأن النساء اللواتي يتحملن الحياة بمفردهن ويركزن على السعادة التي يشعرن بها بعد موقف الانفصال والرفض، يكنَّ في حال أفضل من النساء اللواتي بحثن بعد الأزمة فورا عن رجل ليحل مكان الرجل السابق في حياتهن، ذلك لأن علاقة الحب في الحالة الثانية هذه غالبا ما يكون مصيرها إلى الفشل، فالمرأة حينها تشعر أنها ضعيفة وهشة ولم تتجاوز ولم تتغلب بعد على الشعور بأن ذلك الرجل هجرها.
حاولي أن تستجمعي ذاتك مرة أخرى
1- حاولي أن تفرضي حظرا على أي علاقة جديدة لمدة 6 أشهر، وحاولي أن تلملمي وتسترجعي ذاتك ثانية، ابدئي بأصعب شيء، وهو أن تتقبلي ما حدث. كم هي أليمة مواجهة الحقيقة، حقيقة أن الطرف الآخر رحل ولن يعود، إلا أن هذا أسهل بكثير، على المدى الطويل، من أن تعيشي حالة من الأمل المعذب أنه سيدرك كم كان مخطئاً ويعود راكضا إليك.
2 – حاولي أن تتقبلي حقيقة أنك لن تفهمي أبدا سبب هجره لك، فالمرأة غالبا ما يصعب عليها أن تتجاوز، بل تنتظر أن يقال لها شيئاً ما يفسر لها سبب الألم الذي تشعر به، وهذا ما يحدث بالفعل لأننا غالبا لا نجد التفسير المنطقي لما حدث. أعرف أن هذا ظلم كبير لكنه الواقع.
3- لا تتظاهري بالشجاعة وتكبتي أسرارك، أخبري أسرتك وصديقاتك عن هذه الأزمة، ثم حاولي في الأيام الأولى على الأقل أن تشعري وكأنك تتعافين من حادث سيارة فظيع تعرضت له، قد تكونين في حالة صدمة لذلك حاولي أن تتعاملي مع الموقف بالتدريج، واسمحي للآخرين بالاهتمام بك، والأهم هو أن تكوني طيبة وحنونة مع نفسك.
استغلي فترة وحدتك
بمجرد أن تفيقي من الصدمة، استمتعي بحياتك من جديد، قد يكون مر وقت طويل منذ أن كنت تعيشين حياتك من دون وجود الطرف الآخر، لكن حاولي أن تشعري أنها كانت كلها كذلك، حاولي أن تغيري من حياتك نحو الأفضل، نظمي قراءاتك، أسلوب حياتك، اهتماماتك، هواياتك، وحتى أثاث المنزل وقومي بالأشياء التي ترين أنها مهمة بالنسبة لك، أو الأشياء المهمة التي لم يتسنى لك الوقت بعملها عندما كان معك طرف آخر في المنزل.
وعندما تشعرين بغضب شديد، وصدقيني هذا الشعور سيملؤك، اجلسي واكتبي له رسالة غاضبة، ثم احتفظي بها لعدة أسابيع، وقومي بإضافة سطور إليها أو تعديلها كلما شعرت بالحاجة لذلك.
في نهاية تلك المرحلة، وإذا ما كنت متأكدة من أنك ترغبين في أن يقرأها (وأنك راضية عن محتواها) قومي بإرسالها إليه، إلا أن أغلب النساء يجدن أن هذه الطريقة من الوسائل المساعدة فقط، ويقمن بإحراق الرسالة، في كلتا الحالتين، ستجدين أن ما قمت به، قد خفف قليلا من الألم الذي تشعرين به، وأخيرا ليس مهما أنك كنت ضحية.
العلاقة الطيبة ما بعد الفراق
قد يقترح عليك أن تكونا صديقين ذو علاقة طيبة يتخللها الاحترام والتقدير في المرحلة المقبلة وذلك لكي يخفف من شعوره بالذنب لأنه هجرك، وهنا يكون الاختيار بيدك لأن هذا قد يسبب لك بعض الألم في كل مرة تقابلينه أو تصادفينه ستشعرين وكأنك تنبشين جرحا لم يلتئم بعد.
قد تكون مثل هذه العلاقة (العلاقة الطيبة ما بعد الفراق) مهمة وضرورية إذا كان لديكما أطفال، فالأطفال يجب أن لا تشوه صورة كلا الأبوين في مخيلتهم وعلى الخصوص عندما يكونون في سن المراهقة أو ما دونها، أو حين يتعلق الأطفال بالأبوين، فيأتي الأب أو الأم ليشوه صورة الطرف الآخر في نظر الطفل أو المراهق. ويجب أن يعرفوا أن الطلاق حدث نتيجة عدم التوافق بين الوالدين، وليس لأسباب أخرى قد تسبب لهم آثار نفسية في المستقبل.
قد لا تستطيعي تكوين مثل هذه العلاقة في بادئ الأمر، فانتظري إلى أن تهدأ الأمور، وتخرجي من الصدمة التي ألمت بك، وإذا ما زالت غاضبة عليه فحاولي أن تتجنبي رؤيته حين يأتي لرؤية الأطفال.
ويجب أن لا يكون الأطفال أداة ووسيلة قمعية تستخدميها للتنكيل بالزوج، فهذا له عواقب وخيمة على كلا الطرفين، فالأطفال بحاجة إلى الأبوين سواء أكانوا منفصلين أو مطلقين، وإذا كان انفصالهم بسبب سوء تفاهم أو عدم مقدرة الطرف الأول استيعاب الطرف الثاني فالأطفال ليس لهم ذنب في هذا، فهم بحاجة إلى الأب كما لهم حاجة كذلك إلى الأم.
وفي كثير من حالات الطلاق كان الأبناء سبباً في عودة العلاقة بين الأزواج، وعلى الخصوص حين يكون الطلاق لأسباب هامشية أو وقتية أو نتيجة العصبية والغضب المؤقت أو المزاجية.
ونتيجة للعلاقة الطيبة التي يراك عليها ونتيجة لتربيتك الصالحة للأبناء فقد يثير زوجك السابق هنا نقطة في غاية الأهمية.. فقد يقترح العودة إليك وأنه ما زال يحبك ويريد العودة إليك. هذه الأشياء تحدث بالفعل ولكن تأكدي من مشاعرك نحوه قبل العودة إليه مرة أخرى.
فإذا أحسست بقوة تصميمه بالعودة إليك ثانية، اطلبي منه مناقشة الجوانب الصعبة التي مرت في حياتكما، والخلل الذي أدى إلى الانفصال. واحرصي أن تتأكدي من أنه لن يؤذي مشاعرك مرة أخرى.
انظري إلى المستقبل
في يوما ما ستشفي الأيام قلبك الجريح وستعيدين اكتشاف نفسك ثانية، وستعرفين أن الحياة رائعة، وأن لديك الكثير لتعيشي من أجله، لكني لا أستطيع أن أخبرك متى سيحدث ذلك، إلا أنني أعدك بأنك ستتجاوزين هذا الألم وستكون حياتك الجديدة أفضل مما كانت عليه من قبل، أما بالنسبة لي فقد شُفيت جراحي تماما، بالرغم من أني كنت أشعر أنها لن تشفى يوما ما، ثم قابلت الحب الحقيقي في حياتي ودام زواجنا 18 سنة.
كثيرا ما كنت أفكر أني لو لم أتعرض لتلك المحنة، لما كنت قابلت هذا الحب الرائع في حياتي.
بدأت حياتي من جديد
تقول "جين وودك": "بدأت حياتي المهنية متأخرة، إلا أن نجاحي العملي كله كان بعد سن الأربعين… أنجبت 3 أطفال وأنا في سن 22 وبقيت أعمل مديرة منزل لمدة 19 سنة، ولم تبدأ حياتي المهنية إلا حين وصلت إلى سن 39".
تبلغ "جين" الآن الستين من عمرها وتعمل رئيسة تحرير سلسلة كتب "أوريون" وتعيش في لندن مع زوجها الثاني البالغ من العمر 56 عاما.
تقول جين: تركت الدراسة حين كان عمري 16 سنة وتزوجت زوجي الأول وأنا في سن 18، وأصبحت أماً لثلاثة أطفال في سن 22 وعشت تلك السنوات في سعادة برغم صعوبتها.
كان زوجي كاتبا، وكان عمله هو مصدر الرزق الوحيد للأسرة لذلك كان يعطيه الأولوية الأكبر في حياته، وكنت أرى كم كان عمله يمنحه الرضا والسعادة في حياته. ومع أني أحب دوري كأم، إلا أني كنت أشعر أنني يجب أن أعطي أكثر من ذلك.
عندما وصل أطفالي إلى سن المدرسة قررت أن التحق بالمرحلة التمهيدية بإحدى الكليات المحلية القريبة منا، وشعرت بمتعة كبيرة في مواصلة التعليم مرة أخرى واستمررت في الدراسة حتى حصلت على مؤهلٍ عالٍ في مادة اللغة الإنجليزية.
في هذه الفترة بلغ أطفالي سن 11 – 10 – 9 سنوات وكانت مرحلة صعبة بالنسبة لي، إذ كانت تحتم علي الظروف أحيانا أن أعمل حتى وقت متأخر، إلا أني لم استسلم، لم يطل الأمر بعد تخرجي حين طلب مني زوجي الانتقال إلى إحدى الضواحي الريفية في فرنسا، كانت قرية جميلة وكان الأطفال سعداء إلا أني كنت أشعر بالإحباط، كما أن زواجي كان يمر ببعض المشكلات، وبعد 5 سنوات عدنا ثانية إلي لندن وكان عمري وقتها 39 عاما، وانشغل الأولاد بحياتهم الخاصة وانفصلت عن زوجي في هذه الفترة، كان علي إيجاد عمل وفكرت في العمل في إحدى دور النشر لأني أحب الكتب كثيرا، وبالفعل كتبت عدة رسائل إلي عدد من دور النشر بحثا عن وظيفة إلا أني غالبا لم أكن أتلقى أي رد منهم، عدا مؤسسة واحدة تلقيت منها هذا الرد: "نظرا لأنك من دون خبرة فإن أفضل ما يمكن أن تطمحي إليه هو العمل كسكرتيرة".
عدت والتحقت بدورة تدريبية قصيرة! وكررت المحاولة، لكن هذه المرة للعمل كمساعدة شؤون موظفين، إلا أني قوبلت بالرفض أيضا، وأخذت أدق كل الأبواب لكن من دون جدوى، ثم توقفت لفترة، لكني عدت أواصل البحث فكتبت إلي سيدة تدعى "بارلي أيسون" صاحبة دار نشر أليسون، وكانت في الستين من عمرها، لذا توقعت أنها ستوافق لأن وجود مساعدة لها في 39 من العمر لم يكن مصدر قلق لها.
عملتُ مساعدة لها لمدة 18 شهراً، ثم شجعتني على التقدم بطلب للعمل كمحررة مبتدئة، وكان بالفعل هذا هو العمل الذي أحبه كثيرا.
كنت في غاية السعادة، لأني وفي سن الأربعين كنت أشعر بالثقة التي لم أشعر بها وأنا في العشرين من عمري.
وأخيراً، وإن جاء التوقيت متأخرا، استطعت أن أصعد السلم وأصل إلى دار نشر أوريون حيث بقيت أعمل هناك الإحدى عشر سنة الأخيرة.
ثم قابلت إدوارد في حفل عشاء دعتنا له إحدى المؤلفات التي تربطني بها علاقة عمل، وأعتقد أنها دبرت هذا اللقاء وقامت بدور الخاطبة، ونجح الأمر وما زال زواجنا مستمرا منذ 10سنوات وحتى الآن.
قد يكون كل ما تحتاجه هو أن تجد شخصا يرغب في أن يحطم القواعد، وعندها لا تقلق من أن تبدأ من الصفر أو بعده بقليل لأن الإرادة والتصميم والموهبة حتما هي التي ستقودك للنجاح.
ماذا يمكن أن تقدمي لنفسك الآن؟
1 – اكتبي قائمة بالأشياء التي سببت لك الأم في زواجك السابق في ورقة، وتخلصي منها دفعة واحدة أو بالتدريج.
2 – اذكري 50 شيئا تحبينه من الأشياء التي تتعلق بك.
3 – استمتعي بوقتك وغيري نمط حياتك نحو الأفضل، غيري نظرتك للحياة، وجددي من قراءاتك، وانتقى هواياتك، ومارسي مواهبك.
4 – كوني قريبة من أفراد أسرتك واستمتعي بوقتك معهم.
5 – قومي بممارسة مجموعة من التمرينات الرياضية لأن هذا النشاط يساعد المخ على إفراز مواد كيميائية تجعلك تشعرين بالسعادة.
عندما تحتاجين أكثر من ذلك
يشعر أي إنسان بالحزن عندما يمر بمحنة، فإذا ما شعرت أنك لا تستطيعين النوم بشكل طبيعي بعد أسبوع أو أكثر، وأنك تفقدين من وزنك وتبكين كثيرا، يجب أن تستشيري طبيبا لعلاج حالة الاكتئاب هذه.
وهناك بعض المراكز التي تقدم خدمات استشارية بتكلفة بسيطة للأشخاص المنفصلين، تساعدهم على تفسير سبب انهيار العلاقة بينهما، فحاولي الاتصال بأحد هذه المراكز.
أما إذا كنت تعانين من نوبات هلع أو قلق، فيمكنك الاتصال بأحد المراكز المتخصصة بعلاج مثل هذه الحالات.
تسلميــن اختي على هذا الطرح
و الله يعطيك العافيهـ
دمتي في حفظ الرحمآن
موضوع مميز , وانشالله ما حدا يجرب هاد الشعور الصعب, بس اللي جربتو , هاد الموضوع كفيل انه يعيد التوازن لحياتها.
يعطيكي العافية
يعطيك العافيه ع الطرح المميزّّّ
يعطيك العافيه ..