السعادة الزوجية حلم يبحث عنه كل زوجين ، خاصة في العصر الحالي ، فالحياة الوردية هي أمنية جميلة يسعي وراءها بعض الأزواج للفوز بزواج هادئ ومستقر دون أي مشاكل ، ولكن الواقع قد يختلف حتماً عن الحلم فليست كل الأحلام قابلة للتحقيق خاصة أحلام السعادة في الزواج فبعض الزيجات قد تعصف بها الخلافات والسلبيات التي قد تقضي سريعاً علي أحلام الطرفين في السعادة .
لذا يؤكد خبراء العلاقات الزوجية أن أول طريق للسعادة الزوجية والتصدي لهذه الخلافات هو أن يتقبل كل زوجين بأن الأمور لن تكون دائماً بينهما على ما يرام ، ومن أنهما سيواجهان أوقاتاً رديئة وخلافات عديدة خلال مشوارهما الطويل في الحياة .
ولتجنب هذه الخلافات وتجاوزها والتغلب على مشكلات الحياة الزوجية ، ذكرت الدكتورة الطاهرة محمد المغربي ـ أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة ـ في الدراسة التي أعدتها بعنوان " استراتيجيات الوقاية من الخلافات الزوجية للأزواج والزوجات " أن الزواج غير السعيد هو الزواج الذي يعتريه الكثير من الخلافات , ويسوده التفاعل السلبي بين الزوجين, وفيه يكون تأثير كل من الزوجين علي الآخر سيئاً ومزعجاً, ومثيراً للمشاعر العدائية , والنفور, ويسمي التفاعل الجالب للإزعاج , ومن مظاهره عدم إظهار المشاركة الوجدانية بين الزوجين , وانخفاض التعاطف بينهما , وقصر الوقت الذي يقضيانه معاً, وتصلبهما في الرأي , وعدم الشعور بالانتماء للأسرة.
وأكدت د. الطاهرة في الدراسة أن الخلافات الزوجية لا يقتصر تأثيرها السلبي علي الزوجين فقط , إنما تمتد إلي الأبناء أيضاً ً, فالزوجان اللذين تسود بينهما العلاقات العدائية يتصرفان بطريقة سلبية تجاه أبنائهما, علي عكس العلاقة بين الوالدين اللذين يسود بينهما الانسجام والتفاهم , حيث يتم تفاعلهما مع أبنائهما بالهدوء والمساندة الوجدانية ، وأحيانا يمتد تأثير الخلافات الزوجية السلبي, ويتسبب في توارث الخلافات الزوجية .
التأقلم سر السعادة
ولترسو مركب الحياة الزوجية على شاطئ الأمان يجب علي كل زوجين أن يقوما بحل المشاكل أولا بأول , مع تجنب الوقوع في خلافات زوجية مستقبلية تؤثر علي تماسك الأسرة وسلامتها بالحوار والمناقشة والصبر وتجنب النقد واللوم, ومعرفة عادات شريك الحياة والتأقلم معها, وحل المشكلات البسيطة دون إزعاج الطرف الآخر بتفاصيلها .
وتؤكد د.صفاء إسماعيل مرسي ـ أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة ـ علي ضرورة أن يكون التفاعل بين الزوجين إيجابياً, وأن يكون تأثير سلوكيات كل منهما علي الآخر طيباً, ومرضياً, ويقوي مشاعر الحب والمودة والتعاون فيما يسمي التفاعل الزوجي الجالب للسرور, فالعلاقة السوية بين الزوجين لابد أن يتوافر فيها عناصر أساسية وهي :
ـ الاحترام المتبادل بين الزوجين والثقة والتفاهم والحب والتعاطف.
ـ أن يتعامل كل من الزوجين علي أساس متكافئ مع الإلمام بطبيعة الطرف الآخر.
ـ بذل كل من الطرفين الجهد لإسعاد الطرف الآخر.
إعادة التواصل
و كما ذكرنا من قبل أن حدوث خلافات في الحياة الزوجية أمر وارد جداً وغير مستبعد لكن إعادة التواصل بعد هذه الخلافات هي من أصعب الأشياء التي يفتقدها بعض الأزواج ، لذا يؤكد البروفيسور أرنست هاربيرج ـ طبيب نفسي ـ أنه " حينما يعيش الزوجان فإن المهمة الرئيسية لأحدهما هي إعادة التواصل بعد الخلافات " وعادة لا يكون الأزواج أو الزوجات متمرسين بشكل كاف للقيام بحل المشاكل في علاقتهم الزوجية.
وأوضح أرنست أنه لو كان لهم آباء أو أمهات جيدون في التعامل مع تلك الخلافات الزوجية ، فإنهم سيطبقون ما رأوه في صغرهم على حياتهم الزوجية مستقبلاً ، وإلا فإن الأزواج والزوجات لن يعلموا كيف يتعاملون مع تلك الخلافات ، مشيراً إلى أن مصدر التعليم الرئيسي للتعامل السليم مع الخلافات الزوجية لا يزال هو الأسرة التي نشأ الأزواج فيها سابقاً، وتحديداً ما يراه الأبناء والبنات من كيفية تعامل الأب والأم مع تلك الخلافات حين نشوئها بينهما.
نصائح تقيكِ من الخلافات
ومن أنجح الأساليب التي يستطيع بها الزوجين إعادة التواصل مرة أخري بعد أي خلاف ، هو أن يضع كل منهما هذه النقاط المهمة في أذهانهم حتي يستطيعون التغلب على لهيب الخلافات المدمر :
– يجب أن يدرك كلا الطرفين أن الحياة الزوجية لا تعني التطابق ، فهذا أمر مستحيل ، ولكن تعني أن يدرك كل طرف أن الطرف الثاني مختلف عنه، وحديث الرسول المعجزة حول خلق المرأة من ضلع أعوج هو الإشارة الرائعة لكيفية التعامل مع هذا الاختلاف.
– القبول بتوزيع الأدوار فتكون القيادة دور الزوج ، ويكون الاستمرار دور الزوجة، وعدم القبول بالدور يسبب مشاكل كثيرة، يكون حلها ببساطة أن يلتزم كل طرف بدوره.
– أن لا يكون هم الزوجين عند حدوث الخلاف هو البحث عن المسئول عنه ومن بدأه، ويضيع الجهد في محاولة كل طرف التنصل مما حدث، وتأكيد مسئولية الطرف الآخر الكاملة عن حدوثه؛ لأن ذلك لا يؤدي إلى أي نتيجة إيجابية ويضيع اللغة المشتركة بين الطرفين.
– ليبدأ الطرفان بإعلان مسئوليتهما المشتركة عما حدث، بل ويفضل أن يوضح كل طرف مظاهر هذه المسئولية بنفسه، ويوضح هذا الخطأ من جانبه، حتى يتحرك الطرفان في وضع الإجراءات لضمان عدم تكرار ذلك، وبالتالي يكون تحديد أسباب الخلاف ليس من أجل إدانة الطرف الآخر، ولكن من أجل إيجاد الحلول المشتركة.
– ليتغافل كل منهما عن الآخر، وليبادر كل منهما بالاعتذار ، لأن الاعتذار هو دلالة القوة والمسئولية، وليس الضعف والإهانة ، وما أروع أن يجد الطرفان أنفسهما وهما يعتذران في نفس الوقت ، لأنهما أدركا أن المسئولية مشتركة في استمرار الحياة الزوجية.
– من الأمور المهمة هو ألا ندخل الآخرين في خلافاتنا فحياتنا الزوجية بصورة عامة هي أمر خاص لا داعي لأن يطلع عليه أحد .
– احرصا على وجود رصيد عاطفي في بنك الحياة الزوجية يسحب منه الطرفان ، لأنه عندما يحتدم الخلاف فلن يهدئه إلا تذكر لحظة جميلة ، أو كلمة حلوة، أو موقف تضحية ، لذا يجب أن يحرص كل منكما على زيادة رصيده لدى الآخر حتى لا يصبح السحب على المكشوف عندما ينفذ رصيد أحد الزوجين لدى الآخر ، ومن هنا يستطيع كل زوجين أن يحققوا الحلم الذي يسعون إليه وينعمون بحياة زوجية سعيدة خالية من الخلافات .
م
منورة مواضيعي
يعطيك الف عافية