أثبتت الإحصاءات العالمية أن عدد المصابين بالإمساك في تزايد مستمر، ويرجع الباحثون ذلك إلى ارتباط الإمساك بالكثير من العادات الغذائية والصحية السيئة التي ارتبطت بالمدنية الحديثة، مثل انخفاض نسبة الألياف النباتية في الغذاء اليومي وارتفاع معدلات استهلاك الوجبات السريعة الجاهزة وإهمال المائدة المنزلية، بالإضافة إلى قلة النشاط والحركة.
كما أكدت الإحصاءات الحديثة في الدول المتقدمة أن أكثر من نصف المرضى المصابين بالإمساك المزمن يعانون من المعتقدات الخاطئة عن الإمساك وأسبابه وطرق الوقاية والمعالجة الصحيحة، كما يعانون أيضا من العادات السيئة التي تسبب الإمساك أو تؤدي إلى المزيد من تأزم المشكلة.
ومن أشهر المعتقدات الخاطئة عن الإمساك:
– عدم التغوط (التبرز) يوميا: يعني الإمساك إن عدم الدخول اليومي إلى المرحاض للتغوط لا يعتبر مؤشرا على حدوث الإمساك، لأن طبيعة التغوط تتفاوت بدرجة كبيرة بين الأشخاص، كما تختلف في الشخص ذاته خلال المراحل العمرية المختلفة وتغيرات الفصول والسفر، وتناول بعض الأدوية المسببة للإمساك، وخلال فترات المرض والنقاهة، كما تختلف طبيعة التغوط لدى المرأة مع الحمل والدورة الشهرية وسن انقطاع الطمث.
ويعتبر الشخص مصابا بالإمساك عندما تقل عدد مرات التغوط عن طبيعته التي اعتاد عليها أو يكون البراز جافا صلبا أو يخرج بصعوبة أو مصحوبا بألم.
– إهمال تلبية الرغبة والتمالك عند الشعور بالحاجة للتبرز: إن إهمال تلبية الرغبة في التبرز نتيجة الانشغال أو الوجود خارج المنزل لفترات طويلة أو عدم الرغبة في استخدام مراحيض الغير، يؤدي إلى تفاقم مشكلة الإمساك وتناقص الإحساس بالرغبة في التبرز تدريجيا، فلا بأس من التمالك لعدة دقائق لكن لا تنتظر لفترات طويلة.
وينصح الأشخاص الذين اعتادوا قضاء أوقات طويلة خارج المنزل باختيار وقت محدد للدخول إلى المرحاض (قبل الذهاب إلى العمل في الصباح مثلا)، وتدريجيا سوف يتكيف الجهاز الهضمي مع النسق المعوي المنتظم ويفرغ محتوياته بانتظام في وقت معين.
– تدخين سيجارة أو المطالعة شرط لدخول المرحاض: يربط بعض الأشخاص بين دخول المرحاض للتغوط وبعض العادات الأخرى مثل تدخين سيجارة أو مطالعة الصحف اليومية.. وقد يكون الأمر مفيدا في بادئ الأمر، لكن مع مرور الوقت ترتبط الانعكاسات العصبية المسؤولة عن تنظيم حركة القولون والصرف المعوي بتلك العادات السيئة، مما يؤدي إلى حدوث أو تفاقم أزمة الإمساك.
– البقاء لمدة طويلة بالمرحاض للتغلب على صعوبة التغوط: البقاء فترات طويلة في المرحاض لمحاولة التبرز من غير طائل يؤدي إلى احتقان منطقة الحوض وتجمع الدم في الشعيرات الدموية، مسببا البواسير والشرخ الشرجي التي تزيد من حدة الإمساك، فإذا لم تنجح في التبرز في غضون خمس دقائق فعليك مغادرة المرحاض! الإفرنجي والبلدي
– تفضيل المرحاض الإفرنجي على المرحاض البلدي (التقليدي): ينصح دائما بتفضيل استخدام المرحاض البلدي (التقليدي) عن المرحاض الإفرنجي بقدر المستطاع، نظرا لإيجابيات استعمال المرحاض التقليدي التي تشمل:
– وضع القرفصاء يكون أكثر توافقا مع الدفع البطني والمساعدة على إخراج الفضلات بصورة أفضل.
– منع خطر الإصابة بالعدوى.
أما سلبيات استخدام المرحاض التقليدي فهي:
– صعوبة استعماله للمعاقين وكبار السن والأطفال.
– يستلزم استعماله بعض الرشاقة.
– لا يناسب المرضى المصابين بمشكلات في فقرات الظهر أو الركبتين.
الإمساك .. مرض وراثي
تلعب الوراثة دورا محدودا في حدوث بعض حالات الإمساك الناتجة عن الأمراض الخلقية في القولون أو المستقيم، ويرجع سبب إصابة عدة أفراد بالأسرة الواحدة بالإمساك الوظيفي غالبا إلى النمط الغذائي غير المتوازن الذي يجمع بين أفراد تلك الأسرة، بالإضافة إلى اتباع بعض العادات السيئة، مثل سوء استخدام الملينات التي توصف بصورة عشوائية بين أفراد الأسرة، وتؤدي إلى المزيد من الإمساك.
الأطفال والإمساك
إهمال الرضاعة الطبيعية عادة ما يصاب رضيع الثدي (الرضاعة الطبيعية) بالإمساك، أما رضيع الزجاجة (الرضاعة الاصطناعية) فهو أكثر عرضة للإصابة بالإمساك للأسباب التالية:
– استخدام حليب أو ماء غير مناسب لتحضير وجبات الرضاعة.
– عدم اهتمام الأم بكمية السوائل التي يتناولها الرضيع، خاصة في الطقس الحار أو داخل منزل مفرط التدفئة.
– استعمال بعض الأغذية المساعدة في الأشهر الأولى للرضاعة قد يسبب الإمساك للطفل.
عدم استشارة الطبيب في حالة إمساك الرضيع يجب استشارة الطبيب المختص في حالة إمساك الرضيع، لأن الإمساك قد يكون ناتجا عن أحد الأسباب التالية:
– تناول الأم بعض الأدوية التي تفرز في لبن الثدي وتسبب الإمساك.
– اعتماد الأم على نظام غذائي يفتقر إلى الألياف الغذائية مع قلة تناول الماء والسوائل.
– وجود عيوب خلقية بفتحة الشرج أو المستقيم. – نقص إفراز الغدة الدرقية. – الإصابة بأحد الأمراض الوراثية المرتبطة بحدوث الإمساك. – عدم ملاءمة نوع الحليب أو الماء المستخدم في إعداد الرضاعة الاصطناعية.
توبيخ الطفل المصاب بالإمساك
تلجأ بعض الأمهات إلى استخدام الثواب والعقاب كوسيلة للحصول على تغوط يومي من الطفل (الثواب عند النجاح، والعقاب والتوبيخ عندما لا يأتي الإخراج أو يتأخر بضع دقائق)، الأمر الذي يجعل من عملية التغوط وسيلة ضغط نفسية على الطفل قد تجعله رافضا فكرة التغوط (التبرز).
استخدام الحفاضات للأطفال لفترات طويلة:
استخدام الحفاضات لفترات طويلة يؤدي إلى عدم تأقلم عضلات الشرج مع عملية التغوط، مما يؤدي إلى إصابة الطفل بالإمساك.. وأثبتت الدراسات العلمية أن فترة تدريب الطفل على استخدام الوعاء بدلا من الحفاضة تعتبر من الفترات الحرجة التي يجب أن تتحلى فيها الأم بالصبر مع طفلها حتى لا يصاب بالإمساك فيما بعد.
الحامل والإمساك
الإمساك أثناء الحمل يسبب ضررا للجنين إن الإمساك أثناء الحمل لا يسبب ضررا للجنين لكنه يشكل عنصر مضايقة للأم الحامل، حيث يتوافق الإمساك مع حدوث انتفاخ وغازات بالبطن وزيادة نسبة الإصابة بالبواسير أو الشرخ الشرجي.
ومعالجة الإمساك أثناء الحمل دون استشارة طبية قد يتسبب علاج إمساك مع الحمل بطرق ذاتية، في الكثير من المشكلات، حيث إن أغلب الملينات محظورة، ولا يفضل استخدامها أثناء الحمل، باستثناء بعض الملينات الأسموزية التي يمكن للطبيب المختص وصفها.
ويجب أن تتم معالجة الإمساك أثناء الحمل بالاعتماد على اتباع نظام غذائي غني بالألياف النباتية، مع شرب لترين من الماء يوميا على الأقل، وممارسة التمارين مثل المشي والسباحة، بشرط ألا تتعارض مع حالة الحمل.
الماء والألياف
عدم الاهتمام بتناول الماء والألياف الغذائية يعتبر وجود كمية كافية من الماء والألياف الغذائية، شرطين أساسيين للحصول على صرف معوي طبيعي والتغلب على الإمساك الوظيفي المزمن، ويجب تناول ما لا يقل عن لتر ونصف اللتر من الماء يوميا، مع مراعاة زيادة هذه الكمية في الطقس الحار، ومع ارتفاع حرارة الجسم وفترات المرض وممارسة الرياضة، كما يجب تناول ما بين 25 و35 غراما يوميا من الألياف الغذائية، والموجودة بكثرة في الحبوب الكاملة والفاكهة والخضراوات الطازجة.
استخدام الملينات
استخدام الملينات دون وصفة طبية استعمال الملينات بصورة عشوائية قد يضطر الشخص إلى زيادة جرعات الملين بهدف التغلب على الإمساك، أو استعمال أنواع من الملينات ذات المفعول السريع والمثيرة للغشاء المخاطي للقولون لكنها لا تناسب حالته الصحية وتؤدي إلى المزيد من تباطؤ حركة القولون وزيادة حدة الإمساك.
وأستخدام التحاميل (اللبوس الشرجي) لفترات طويلة استخدام التحاميل (اللبوس الشرجي) قد يريح المريض بعض الوقت، لكن كثرة استخدام التحاميل الشرجية لفترات طويلة قد تؤدي إلى كثير من المضاعفات الجانبية مثل:
– تسرب البراز لا إراديا من الشرج.
– التهاب الغشاء المخاطي للمستقيم.
– فقدان حساسية أعصاب المستقيم وزيادة حدة الإمساك. وينصح باستخدام التحاميل الشرجية لمعالجة الإمساك المؤقت في الحالات التالية:
– الرضع والأطفال وكبار السن.
– الإمساك الناتج عن العمليات الجراحية أو ملازمة الفراش أو تغيير نمط الحياة مثل السفر أو تغيير المرحاض.
– الإمساك الناتج عن تجمع البراز في المستقيم (الكتلة البرازية).
موضة النحافة
إدمان النحافة إن الرشاقة مطلب طبيعي لكل إنسان، ولكن يجب عدم المبالغة في هذا المطلب أو تجاوز الحدود الطبيعية لخفض الوزن – أي تجنب ما يطلق عليه العلماء (إدمان النحافة) – وهو عرض شائع الحدوث بين الفتيات في سن المراهقة.
هذا النوع من الإدمان يدفع صاحبه إلى اتباع بدع خاطئة، مثل استخدام الملينات ومدرات البول أو اللجوء إلى القيء لإفراغ الطعام، مما يحرم الجسم العناصر الغذائية الضرورية، ويؤدي إلى الإصابة بمشكلات معوية والإمساك المزمن ومشكلات بالقلب وتدهور في حالة الأسنان واضطرابات هرمونية شديدة، وقد يصل الأمر إلى الانسحاب من الحياة والعصبية والعدوانية، والانتحار في بعض الحالات!!
هل هناك علاج سحري للإمساك؟
ترتكز معالجات الإمساك على إعادة تأهيل الجهاز الهضمي ليعمل بشكل طبيعي.. وذلك من خلال اتباع النصائح العشر التالية:
– الهدف من علاج الإمساك ليس الحل السريع الذي يريح المريض لفترة قصيرة ثم يؤدي إلى الكثير من المضاعفات والآثار الجانبية.
– التحلي بالصبر .. لأن الصرف المعوي يحتاج إلى عدة أسابيع أو ربما عدة أشهر قبل عودته إلى وضعه الطبيعي، خاصة عندما يكون الإمساك مزمنا أو عند استعمال الملينات لفترات طويلة.
– تناول الطعام ببطء (على مهل)، واحرص على مضغه جيدا.
– احرص على تناول وجبات صغيرة متعددة، بدلا من تناول وجبة كبيرة الحجم مرة واحدة.
– احرص على تناول كمية كافية من الماء والسوائل بين الوجبات.
– الحبوب الكاملة والخضراوات والفاكهة الطازجة هي أغذية مهمة للوقاية من الإمساك وعلاجه.
– ناقش مع طبيبك نوع الملين المناسب، ولا تعتمد على تناول الملينات بصورة ذاتية عشوائية لفترات طويلة لأنك سوف تعتاد عليها، وتصبح إعادة التبرز مرتبطة بتناولها.
– لا ينصح بإعطاء الأطفال الملينات أو الحقن الشرجية دون استشارة الطبيب، ولا تجعل فكرة التغوط في الوعاء مصدرا للثواب والعقاب للطفل.
– لا تترد في استشارة الطبيب في حالة حدوث تغير في طبيعة التغوط لديك أو نزول دم مع البراز أو الشعور بألم شديد في البطن أو حدوث قيء وغثيان متكرر أو هزال عام وفقدان للوزن.
– معالجة الإمساك باستخفاف وعشوائية وعدم اعتباره سببا لاستشارة الطبيب، يعتبر خطأ شائعا يقع فيه الكثيرون.
وبارك فيك