السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الحبيب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم , أما بعد :
قال الله تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ آية رقم ( 56 ) سورة الذاريات .
خلق الله الناس جميعاً لعبادته , ويجب علينا أن نسعى جاهدين لتحقيق هذه الغاية .
والله سبحانه وتعالى فرض علينا عبادته و طاعته لنكون على قرب و تواصل معه سبحانه دائماً .
والله سبحانه و تعالى غني عن عباده , لا يحتاج إليهم , بل هم الذين يحتاجون إليه في جميع أمور حياتهم ؛ لذلك شرع الله أنواع العبادات حتى ندعوه سبحانه و نتقرب منه , فنحن الفقراء إلى الله .
ولنعلم أن هذه العبادات لا ينبغي أن ننظر إليها من زاوية العمل بما أمر الله وحسب , بالطبع هذه لها الأولوية و يجب أداء ما افترضه الله علينا , ولكن لابد أن يُنظر إليها من منظور اللذة والراحة والاطمئنان عند تأدية هذه العبادات .
فالعبادات بجميع أنواعها لابد من الشعور باللذة عند أدائها , لأن ذلك يؤدي إلى حب العبادة .
فما هي لذة العبادة ؟
لذة العبادة : هو الشعور الجميل الذي تعيشه الفتاة المسلمة عند أداء أي نوع من أنواع العبادة والذي يؤدي إلى حب تلك العبادة , وحب تأديتها على الدوام لما يتحقق لها بأدائها من الراحة النفسية .
وهذا هو الذي نسعى إلى تحقيقه .
ففي الصلاة مثلاً : نرى بعض الناس عند سماع الأذان , يذهبون إلى دورات المياه متثاقلين من أجل الوضوء , ويؤدون الصلاة فقط كي يؤدوها وينتهوا منها , فيهمون بتأدية ما اُفترض عليهم وحسب , فلا يهتمون بالشعور بحب هذه العبادة والاستلذاذ عند أدائها .
وهذا خطأ كبير , إذ لابد من حب العبادة وهذا ما يبعث على تأديتها على الوجه الشرعي .
فبعض الناس يشتكي و يقول : لا أستطيع الشعور بلذة عند أداء الصلاة ؟
أسمع كثيراً عن ما تسببه من راحة نفسية وأريد تحقيقها ولكن كيف؟
كيف أجعل نفسي أشتاق لحضور وقت الصلاة , فلا أتمنى قدوم وقتها لآدائها و الانتهاء منها وحسب ؟
أسئلة يطرحها جميع الناس , وجوابها يكمن فيه سر تحقيق السعادة في الدنيا و الآخرة .
وللإجابة عن هذا التساؤل لابد أولاً من تغيير بعض المفاهيم لدى معظم الناس في سر و مضمون العبادات التي يؤدونها .
فكما قلت في البداية أن العبادات شُرِعت حتى يبقى العبد بتواصل مع الله وبالتالي يسعد في الدارين بإذن الله , ولابد أن يعبد المسلم ربه على مُراد الله , فيؤدي العبادة بما يرضي الله على الوجه الشرعي .
فعندما ينظر المرء للعبادة على أنها محطة يتوقف عندها ليذكر ربه ويعبده ويناجيه فيتخذها عادة محببة لنفسه يتلذذ بأدائها دائماً , عندها يتحقق له حب العبادة و ملازمتها على الدوام , وحينها يؤدي المرء العبادة على الوجه الشرعي فترضى نفسه ويُرضي الله .
فعلى الناس أن ينظروا إلى العبادة من هذا المنظور لتتحقق لهم السعادة في الدارين بإذن الله .
أما الناس الذين ينظرون للعبادة على أنها عبء أو ثقل عليهم يكونون في فهم خاطىء لمفهوم العبادة , وبالتالي يجعلهم ذلك يؤدونها بلا طمأنينة ولا خشوع , ويتولد عنه عدم حب العبادة , فيؤدونها لمجرد الأداء فقط و الانتهاء منها , وينتج عن ذلك إهمال للعبادة وعدم أدائها على الوجه الشرعي .
وهذه بعض الخطوات التي أسأل بإذن الله أن تساعد على الشعور باللذة في العبادة :
1 معرفة أن السعادة الحقيقية تكون مع الله , فيجب مداومة التواصل معه , بدوام العبادة على الوجه الشرعي .
2 أن الناس فقراء إلى الله فهم يحتاجونه في كل وقت , ومن ذلك أن يكون الإنسان مع الله في عبادته بقلبه وعقله و جميع جوارحه .
3 صدق اللجوء إلى الله و الاستعانة بالله في جميع الأمور .
4 صدق النية مع الله , وإخلاص العبادة له وحده .
5 معرفة أن الإنسان لابد أن يعرف الله في وقت الرخاء لكي يكون الله معه في وقت الشدة .
6 مراقبة الله في أداء العبادات على الوجه الذي يُرضي الله .
7 حاجة النفس المؤمنة إلى الخشوع و البكاء بين يدي الله للشعور بالقرب من الله .
8 الدنيا لا تنتهي مشاكلها و همومها فلتكن العبادة هي الوسيلة التي يتخلص الإنسان من خلالها من جميع ما يضايقه و يحزنه .
9 النظر إلى البعادة بمفهوم تحقيق الراحة النفسية للإنسان و ليس بمنظور أدائها و حسب .
10 تذكر الثمرات التي تترتب على تقوى الله في العبادة و في جميع أمور حياة المسلمة .
وياحبذا لو كان للمرء عبادة خفية تكون بينه وبين ربه , لا يعلم الناس عنها , يناجيه فيها , ويدعو الله , وتكون جزءاً مهماً لا يتجزأ من حياته , كونها تكون وسيلة يستعين بها الإنسان في التخلص من همومه و حزنه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ، ورجل قلبه معلق بالمساجد ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله . ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه " متفق عليه( ) , مثل :
صلاة الليل :
ومن فضلها :
قال الله عز و جل : ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا ﴾
سورة الإسراء , الآية ( 79 )
و قال عز من قائل : ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ) سورة السجدة آية ( 16 )
وفي الصحييح عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم (( إن من الليل ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأالله تعالى خيرا، إلا أعطاه إياه))
ففي صلاة فضل عظيم , وينبغي على المسلم ألا يتركها .
الصدقة :
ومن فضلها :
قال صلى الله عليه وسلم : "صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات"
وقوله صلى الله عليه وسلم : "ما تصدق أحد بصدقة من طيب ـ ولا يقبل الله إلا الطيب ـ إلا أخذها الرحمن بيمينه ـ وإن كان تمرة ـ فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل؛ كما يربي أحدكم فُلُوَّه أو فصيله"
وقوله صلى الله عليه وسلم : "تصدقوا ولو بتمرة؛ فإنها تسد من الجائع، وتطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار"
الصيام :
ومن فضله :
عَنْ أَبِي أمامةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ مُرْنِي بِعَمَلٍ قَالَ : ( عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ ، فَإِنَّهُ لا عِدْلَ لَهُ » ، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ مُرْنِي بِعَمَلٍ قال : « عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لا عِدْلَ لَهُ » ، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ مُرْنِي بِعَمَلٍ قال : « عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لا مِثْلَ لَهُ ).
لا تنسوني من الدعاء
اللهم حقق لي ف بالي
وستر عليا دنيا واخرة
الله يرزقك سعادة الدارين وجنة النعيم
الي مايحب ويرضا
أحبك في الله.