تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » حال العمل والعمال عند الله في الاسلام

حال العمل والعمال عند الله في الاسلام 2024.

حال العمل والعمال عند الله

قال صلى الله عليه وسلم (ان الله حرم على النار من قال :لا اله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله )
وقال (لايدخل النار من قال 🙁 لا اله إلا الله)…
لسنا نقول :انه لا يدخل النار احد من أهل التوحيد ،بل كثير منهم يدخل بذنوبه ويعذب على مقدار جرمه ثم يخرج منها ولا تنافي بين الأمرين ،ولإيضاح ذلك لعظم هذا المقام والحاجة إليه :
اعلم أن أشعة (لا اله إلا الله ) تقطع من ضباب الذنوب وغيمها بقدر قوة ذلك الشعاع وضعفه .فلها نور .وتفاوت أهلها في ذلك النور قوة وضعفا لايحصيه إلا الله تعالى : فمن الناس من نور هذه الكلمة في قلبه كالشمس ومنهم من نورها في قلبه كالكوكب الدري ،ومنهم من نورها في قلبه كالمشعل العظيم وآخر كالسراج المضيء وآخر كالسراج الضعيف …. ولهذا تظهر الأنوار يوم القيامة بإيمانهم وبين أيديهم على قدر هذا المقدار بحسب ما في قلوبهم من نور هذه الكلمة علما وعملا ومعرفة وحالا.
وكلما عظم نور هذه الكلمة واشتد احرق من الشبهات والشهوات بحسب قوته وشدته ،حتى انه ربما وصل إلى حال لايصادف معها شبهة ولا شهوة ولا ذنبا إلا احرقه وهذا حال الصادق في توحيده الذي لم يشرك بالله شيئا فأي ذنب أو شهوة أو شبهة دنت من هذا النور احرقها فسماء إيمانه قد حرست بالرجوم من كل سارق لحسناته فلا ينال منه السارق إلا على غرة وغفلة لا بد منها للبشر فإذا استيقظ وعلم ماسرق منه استنقذه من سارقه أو حصل أضعافه بكسبه ….فليس التوحيد مجرد إقرار العبد بأنه لا خالق إلا الله وان الله رب كل شيء ومليكه كما كان عباد الأصنام مقرين بذلك وهم مشركون بل يتضمن من محبة الله والخضوع له والذل وكمال الانقياد لطاعته وإخلاص العبادة له وإرادة وجهه الأعلى بجميع القوال والأعمال والمنع والعطاء والحب والبغض مايحول بين صاحبه وبين الأسباب الداعية إلى المعاصي والإصرار عليها .
قال صلى الله عليه وسلم (من قال في يوم سبحان الله وبحمده مئة مرة حطت (أو :غفرت له) خطاياه وان كانت مثل زبد البحر )
. وليس هذا مرتبا على مجرد القول اللساني .نعم؛من قالها بلسانه غافلا عن معناها معرضا عن تدبرها ولم يواطىء قلبه لسانه ولا عرف قدرها وحقيقتها راجيا مع ذلك ثوابها حطت من خطاياه بحسب مافي قلبه .فان الأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها وإنما تتفاضل بتفاضل مافي القلوب ،فتكون صورة واحدة وبينهما من التفاضل كما مابين السماء والأرض والرجلان يكون مقامهما في الصف واحد وبين صلاتهما كما بين السماء والأرض.
وتأمل حديث البطاقة التي توضع في كفة ويقابلها تسعة وتسعون سجلا كل سجل منها مد البصر فتثقل البطاقة وتطيش السجلات ،فلا يعذب .ومعلوم ان كل موحد فله مثل هذه البطاقة وكثير منهم يدخل النار بذنوبه ولكن السر الذي ثقل بطاقة ذلك الرجل وطاشت لأجله السجلات لما لم يحصل لغيره من أرباب البطاقات انفردت بطاقته بالثقل والرزانة .
وإذا أردت زيادة إيضاح لهذا المعنى ؛ فانظر إلى ذكر من قلبه ملآن بمحبتك وذكر من هو معرض عنك غافل ساه مشغول بغيرك قد انجذبت دواعي قلبه إلى محبة غيرك وإيثاره عليك ؛هل يكون ذكرهما لك واحدا؟ أم هل يكون ولداك اللذان هما بهذه المثابة أو عبداك أو زوجتاك عندك سواء ؟
وتأمل ما قام بقلب البغي التي رأت ذلك الكلب وقد اشتد به العطش يأكل الثرى فقام بقلبها ذلك الوقت –مع عدم الآلة وعدم المعين وعدم من ترائيه بعملها-ماحملها على أن غررت بنفسها في نزول البئر وملء الماء في خفها –ولم تعبأ بتعرضها لتلف-وحملها له بفيها وهو ملآن حتى أمكنها الرقي من البئر ثم تواضعها لهذا المخلوق الذي جرت عادة الناس بضربه وطرده فأمسكت له الخف بيدها حتى شرب من غير أن ترجو منه جزاء ولا شكورا فأحرقت أنوار هذا القدر من التوحيد ماتقدم منها من البغاء فغفر لها .
فهكذا حال الأعمال والعمال عند الله تعالى .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.