إن ما تتميز به الخلايا الجذعية من خصائص بيولوجية فريدة جعلتها مادة علاجية واعدة للعديد من الأمراض المستعصية وفتحت باب الأمل أمام الكثير من المرضى المصابين بأمراض تهدد الحياة.
والخلايا الجذعية هي خلايا غير مختصة لها القدرة على التحول والتميز للعديد من الخلايا المختصة مثل خلايا الدم وخلايا الأعصاب وخلايا الكبد والبنكرياس وغيرها من الخلايا.
إن دم الحبل السري الموجود داخل الأوعية الدموية للمشيمة والحبل السري نفسه والذي يستخلص بعد عملية الولادة مباشرة، يتميز بوجود نسبة عالية نسبيا من الخلايا الجذعية الدموية وغير الدموية مقارنة بالدم العادي، ممكن حفظها وتخزينها واستخدامها في علاج العديد من الأمراض مثل سرطان الدم (اللوكيمياء)، أمراض الدم، متلازمة فشل نخاع العظم، العيوب الخلقية للتأيض وأمراض نقص المناعة الوراثي. وإدراكا لهذا الدور الواعد للخلايا الجذعية المستخلصة من دم الحبل السري، قامت كثير من الدول بإنشاء بنوك مختصة لتخزين وتجميد وحدات دم الحبل السري.
تنقسم بنوك تخزين دم الحبل السري إلى قسمين: بنوك عامة وبنوك خاصة، البنوك العامة وغالبا ما تكون مملوكة إلى جهات حكومية، وتقوم بتخزين وحدات دم الحبل السري من متبرعين بدون مقابل مادي وذلك لاستخدامها متى لزمت الحاجة إلى عدد كبير من المرضى الذين لا يوجد لهم متبرع متطابق نسيجيا في العائلة، أما البنوك الخاصة فتملكها شركات ومؤسسات خاصة ربحية تقوم بتخزين وحدات دم الحبل السري لفترة تصل إلى عشرين سنة مقابل رسوم مالية وذلك لاستخدامها لعلاج الشخص المتبرع فقط أو احد أفراد أسرته إذا ما لزمت الحاجة.
وعلى الرغم من إقدام حكومات وشركات خاصة على اعتماد هذه الثورة العلمية، إلا إنها لم تصبح رائجة بعد، ولكون التراث الشعبي عرف ببعض مما يشبهها وإن كان لا يرتبط معها بصلة من الناحية العلمية، فقد ذكر في القدم الاحتفاظ بالمشيمة عند ولادة الطفل كنوع من البركة، وكرمز للحياة كون المشيمة هي التي تعمل على تنقية الدم المغذي للجنين في رحم أمه، كما تأخذ الدم القادم منه وتنقيه قبل أن يعود إلى جسد الأم في حياة متكاملة بين الأم وجنينها.
ورغم انتشار هذه الثقافة العلمية بين الآباء، والذي يعد أمرا جيدا لكون العملية استثمار في صحة الأبناء، لكن يخشى أن تتحول هذه الوسيلة العلاجية إلى سلعة تجارية هدفها الكسب المادي فقط بسبب عدم إلمام الآباء بالإمكانية النظرية والعملية لدم الحبل السري كوسيلة علاجية وأيضا بسبب غياب الدقة والشفافية عند تسويق تلك الفكرة من قبل بعض الشركات التي تتعامل معها بعض المستشفيات والعيادات الخاصة.
نظريا يمكن علاج العديد من الأمراض المستعصية عن طريق زراعة الخلايا الجذعية ولكن عمليا ليست بهذه السهولة التي تروج لها هذه الشركات.
إن التطبيقات العلاجية للخلايا الجذعية لغير الأمراض الدموية ما زالت قيد البحث والدراسة والتجارب المخبرية والأكلينكية على عكس ما تدعيه الشركات للأسف، وتطبيقها بشكل روتيني يتطلب المزيد من الدراسات للتأكد من سلامتها وفعاليتها على المدى الطويل، ولزيادة الوعي لدى الآباء أثناء اتخاذ القرار بتخزين دم الحبل السري لمولودهم، هناك العديد من النقاط التي يجب توضيحها:
1- عند إصابة الطفل المولود بسرطان الدم اللوكيمياء، تكون الطفرة الوراثية المسببة لهذا المرض موجودة في دم الحبل السري المستخلص للطفل نفسه لكون الأصل واحد، وبالتالي لا يمكن استخدام هذا الدم نفسه للعلاج.
2- إن كمية الخلايا الجذعية المستخلصة من دم الحبل السري هي كمية صغيرة مقارنة بالخلايا الجذعية المأخوذة من نقيٌ العظم ولهذا فهي غير كافية لعلاج الطفل عندما ينمو، ويصبح استخدام دم الحبل السري للشخص نفسه في مراحل متقدمة من العمر أمرا مستبعدا للغاية. وهنا يحتاج المريض إلى أكثر من وحدة دم حبل سري مخزنة متطابقة نسيجيا يتم الحصول عليها من البنوك العامة، لذلك تبقى نسبة استخدام وحدة دم الحبل السري المخزنة للشخص نفسه ضئيلة جدا.
3- إن تخزين وحدات دم الحبل السري في بنوك عامة يتيح إمكانية الحصول على وحدات من متبرعين متى لزمت الحاجة وتعذر وجود متبرع قريب متطابق نسيجيا مع المريض.
4- تقوم شركات بنوك دم الحبل السري الخاصة بترويج معلومات طبية مغلوطة هدفها ألأول مادي وتجاري بحت يتعارض مع الرسالة الإنسانية السامية لمهنة الطب، فأغلب هذه الشركات تفتقر إلى التراخيص وتمارس عملها في ظل عدم وجود أنظمة من قبل الجهات المختصة لتنظيم هذه العملية وإيقاف التلاعب بها.
5- إن كثير من البنوك الخاصة لا تتبع المعايير العالمية الخاصة والمطلوبة لحفظ وتخزين وحدات دم الحبل السري وبعضها لا تزال التساؤلات حولها، خصوصا في بلدان الشرق الأوسط والخليج كون هذه الشركات تعمد إلى إرسال الوحدات المجمعة إلى الخارج لتجميدها وتخزينها، مما يطرح التساؤل حول كيفية التخزين بعد إجراء الفحوصات عليها وشحنها عبر المطارات وظروف حفظها خاصة إن دم الحبل السري يجب أن يجمد تحت ظروف خاصة وحرارة محددة قبل انقضاء 48 ساعة على استخراجه.
6- وجود جدل ولغط طويل حول المدة الزمنية التي يمكن فيها حفظ وتخزين وحدة دم الحبل السري، والتي تقدر بعشرين عاما. فليس ثمة ما يثبت انه بالوسع زيادة تلك المدة وليس ثمة ما ينفي ذلك، إذ أن أول بنك دم للحبل السري أنشئ في نيويورك بأمريكا عام 1993 ولم يتجاوز على إنشائه أكثر من 19 عاما، ولم يمضي الوقت الكافي لحسم هذا الجدل، على الرغم إن عددا من الشركات يروج لتمديد هذه الفترة أذا رغب الوالدان لفترة مماثلة!!! فكيف يروج لذلك ولا شيء مثبت إلى الآن؟.
إن بنك دم الحبل السري بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، والذي انشئ عام 2024، هو أول بنك عام غير ربحي لحفظ وتخزين وحدات دم الحبل السري، يقوم البنك بتوفير وحدات دم ذات جودة عالية للمرضى الذين يحتاجون مثل هذا النوع من الزراعة ولم يجدوا متبرعين مطابقين نسيجيا من الأقارب، كما يقوم بتجميع وحفظ وتخزين وحدات دم للتبرع العائلي إذا ما وجد مريض في تلك العائلة ولم يجد متبرعاً مطابقاً نسيجيا في عائلته، وكانت الأم حامل بمولود ممكن أن يكون متطابقا، وذلك بعد التأكد من خلو المولود الجديد من أي أمراض وراثية أو معدية يمكن نقلها عند زراعة تلك الوحدة، ويبلغ عدد الوحدات المخزنة حاليا 3450 وحدة.
ومنذ بداية زراعة أول وحدة لدم الحبل السري من البنك في أواخر عام 2024، تم حتى الآن زراعة 63 وحدة لأكثر من 50 مريضا، ويتعاون البنك مع مستشفيٌ اليمامة ومستشفى قوى الأمن في تجميع وحدات الدم، ويسعى البنك إلى التعاون مع المستشفيات الحكومية الأخرى والخاصة للتوسع في تجميع عدد أكبر من الوحدات والوصول للاكتفاء الذاتي وعدم استيراد وحدات من الخارج.
حتى الحبل السري صارله بنك دم الحبل السري ومختبر الخلايا الجذعيه
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
دمتم في حفظ الرحمن ودعواتكم لي ولكل سيدة بالذرية الصالحة المعافاة
يستحق التقييم والتثبيت
يقييم احلى تقييم