الأولى : الاختيار على أساس الدين والخلق.
الدين والخلق أهم الأسس التي يقوم عليه الاختيار في الزواج السليم؛ ولذا، ركّزت الروايات على هذا الجانب ومنحته أهمية فائقة؛ لما له أبلغ التأثير الإيجابي المنعكس على الزوج من زوجته من جهة، وأيضاً ينعكس على الزوجة من زوجها، من جهة أخرى. ولذا، نجد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله يقول: ‹‹عليك بذات الدين تربت يداك››، وذلك، لأنّ اختيار الزوجة – التي رضعت الإيمان ورُبيت على مبادئ الدين – من أساسيات الزواج السعيد؛ باعتبار أنّ الدين سوف ينعكس على خُلقها مما يعود على الزوج وعلى نسله بالخير الكثير. والروايات أكدت على هذا الأساس الهام – الخلق والدين – وأوضحت الآثار الوخيمة المترتبة على عدم الأخذ به، وهذا ما صرح به الإمام الباقر عليه السلام عندما روى عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله قوله: ‹‹إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ››، فالشخصية التي تتصف بالمستوى الديني و الخُلقي الجيد، ينبغي أن لا تُرد حين تتقدم لخطبة إحدى الفتيات؛ لأنّ رد مثل تلك الشخصية، سيؤول إلى الفتنة والفساد الكبير؛ وهذه الفتنة تتضح بجلاء،عندما يتقدم الكثير من الشباب – الأكفاء ديناً وخُلقاً- لخطبة شابة، فيُواجهون بالرفض أكثر من مرة، لحججٍ واهيةٍ وغير سليمة؛ وهذا بدوره يؤدي إلى عزوف الكثير من الشباب عن التقدم لهذه الفتاة، وسوف تبقى في بيت أبيها دون حصولها على الزوج المناسب، وبالتالي سوف يعود بالضرر، ليس عليها فقط، وإنما على الشاب أيضاً، ويودي بهما في النهاية إلى هاوية السقوط والانحراف، وهذا يؤكده قوله: {وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}. ولو تتبعنا أسباب الانحراف في أوساط الشباب والشابات لوجدنا أنّ أقوى هذه الأسباب تأثيراً هو تأخرهم عن الارتباط بالزواج.
ما هي أهمية الدين والخلق؟
إن الشخصية المتدينة لا يصدر منها الظلم لشريكة حياته مهما بلغت شدة الخلاف ما بينهما، باعتبار أنّ سيرته التي يسير عليها مرتبطة بالقانون، ولا تنطلق من الفوضى والنزوات الفاسدة، وردود الفعل، وإنما تنطلق من خلال التطبيق الدقيق لقواعد الشريعة الإسلامية، وهذا ما تشير إليه بعض الروايات، والتي ورد في مضمونها، إنه إذا زوجت ابنتك من المتدين، فإنه لن يسيء إليها حتى إذا اختلف معها. وقد بحث علماء العصر الحديث عن تأثير الدين في الحياة الزوجية، وتوصلوا إلى أنّ من يرتبط بالدين، أكثر نجاحاً في علاقاته الزوجية، وذلك لأنّ الجانب المعنوي في حياة الإنسان، يجعله ينظر إلى شريك حياته بعين الرضا والتقدير، مما يؤدي إلى تجاوز السلبيات، التي تؤثر في استقرار الحياة الزوجية، وصدق المصطفى صلى الله عليه وآله في قوله: ‹‹عليك بذات الدين تربت يداك››، وقوله صلى الله عليه وآله أيضاً: ‹‹ما استفاد امرؤ بعد الإسلام أفضل من زوجة صالحة››. والجانب الأخلاقي لا يقل أهمية عن الجانب الديني في اختيار الشريك الآخر، بل، يمتاز بأهمية كبيرة، لأنه كلما اتسع الجانب الأخلاقي كلما امتلك الإنسان من المرونة الفائقة ما يجعل حياته في وئام و سعادة، واستطاع بأخلاقه أن يتجاوز المشاكل الزوجية بنجاح، ويتعدى عقباتها بسلام.
الثانية : الحرية التامة في اختيار الشريك الآخر.
إن اختيار الطرف المناسب يرجع إلى كلٍ من الزوج والزوجة؛ فالزوج له الحرية التامة في اختيار شريكة حياته، وكذا الزوجة لها نفس الحرية في اختيار شريك حياتها.
ولذلك، لا يحق لأي طرف في العائلة أن يفرض عليها أو يجبرهما على شخص معين، لا يرغبان فيه، وهذا لا يعني أن يستغني الشاب والشابة عن مشورة غيرهما في اختيار الشريك الآخر، وإنما الأفضل لهما أن يستعينا بالأبوين باعتبار أن تجاربهما في الحياة وما عاشوه من عمر، كفيل بأن يمنحهما الرأي الصائب، وأيضاً يمكنهما الاستفادة من ذوي الرأي الحصيف، الذين أنضجتهم تجارب الحياة.
نتائج الاختيار الصحيح للشريك الآخر.
إن الكيفية السليمة في اختيار الشريك الآخر له من التأثير الشيء الكبير، ليس على حياة الإنسان في وضعه الحاضر؛ وإنما أيضاً على مستقبله باعتبار أنّ نسله وامتداده سيرتبط بما سوف يختار، وهناك نتيجتين هامتين للاختيار السليم :
الأولى : الوصول إلى السعادة المعنوية.
إن سعادة الإنسان من الناحية المعنوية، تتوقف بشكلٍ كبير على اختيار الزوج؛ فإذا كان الاختيار قائماً على أسس موضوعية؛ فإنه سيؤثر تأثيراً كبيراً على حياة الإنسان ومستقبله.
الثانية : نجاح الحياة الزوجية.
إنّ بعض الناس يستعجلون الاختيار؛ فلا يرجعون إلى ذوي الرأي أو إلى آبائهم وأمهاتهم، الذين مُحضوا التجربة، ووصلوا إلى أعلى مراتب النضج، مما يتسبب ذلك في اختيارٍ فاشل يؤدي إلى الفشل في حياتهم المستقبلية، وبالتالي، الوصول إلى الانفصال وضياع الأبناء.