قال تعالي : قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ{30} وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ … الآية .
وغض البصر معناه الخفض وإطباق الجفن على العين بحيث يمنع الرؤيا ، وقد يكون بمجرد صرف البصر عن المنهي عنه .
وقال ابن بازـ رحمه الله ـ فى تفسير هذه الآية :
" فأمر الله عز وجل فى هاتين الآيتين الكريمتين المؤمنين والمؤمنات بغض الأبصار وحفظ الفروج وما ذاك إلا لعظم فاحشة الزنا ، وما يترتب عليها من الفساد الكبير بين المسلمين ؛ ولأن إطلاق البصر من وسائل مرض القلب ووقوع الفاحشة وغض البصر من أسباب السلامة من ذلك .
ـ وانظرى أيتها الأخت الكريمة كيف أن الله ختم الآية بقوله : إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ
وذلك ليعلم كل إنسان أن الله خبير بما يصنعه الناس ، وأنه لا تخفى عليه خافية ، وفى ذلك تحذير للمؤمنين والمؤمنات من ركوب ما حرم الله عليهم والإعراض عما شرعه لهم . وتذكير لهم بان الله سبحانه يراهم ويعلم أفعالهم وأحوالهم
كما قال تعالى : {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ } (غافر19)
فإذا عرفوا ذلك فيجب أن يكونوا على تقوى وحذر منه فى كل حركة وسكون .
وينبغي على العبد أن يستحي من الله أن يراه على معصية .
سٌئل الجنيد بما يُستعان على غض البصر ؟
قال : بعلمك أن نظر الله إليك أسبق إلى ما تنظر إليه .
قال ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ :
إنما بصرك يا أخي نعمة فلا تعص الله بنعمة .
ولتعلم الأخت أن النظر إلى ما حرم الله هو من زنا العين .
– فقد أخرج الإمام مسلم من حديث أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ عن النبي قال :
" كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة . فالعينان زناهما البصر , والأذنان زناهما الاستماع واللسان زناه الكلام , واليد تزني وزناها البطش , والرجل تزني وزناها الخطا , والقلب يهوى ويتمنى والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ."
إن حظ القلب من الزنا التمني والرغبة ، فلتحذر الأخت المؤمنة ذلك ولا تترك للقلب فرصة
فقد يدفعها إلى معصية ، ولتستزيد دائماً من الحذر لأن حياتنا اليوم وظروف عصرنا جعلت الشهوات والمثيرات محيطة بنا متربصة محدقة بها , فلتغلق المؤمنة أبواب الشر وذرائع التهلكة ولا تترك لقلبها العنان , فإن القلب متقلب كاسمه وإن النفس مهلكة من اتبعها .
وما أُبرِىُْ نفسي إن النفسَ لأمارةٌ بالسوءِ .
ـ ولتعلم الأخت المسلمة أنها ستسأل عن هذا النظر ، هل كانت تصرفه فيما يرضى الله ؟ظ
أم كانت تنظر إلى ما يغضب الله …
قال تعالى : وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً
بل ستشهد عليك هذه العين يوم القيامة ..
فقال تعالى : حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ .
– وفى صحيح مسلم من حديث أنس قال :
" كنا مع النبي فضحك , فقال أتدرون مما أضحك ؟ فقلت : الله ورسوله أعلم ,
فقال : من مخاصمة العبد ربه .. فيقول يا رب ألم تجرني من الظلم ؟ فيقول رب العزة: بلى . فيقول العبد : فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدٌ منى . فيقول رب العزة : كفي بنفسك اليوم عليك حسيبا وبالكرام الكاتبين شهودا . قال :فيُختَمُ على فيهِ ، فيقال لأركانه : انطقي فتنطق بأعماله . قال : ثم يُخلَى بينه وبين الكلام فيقول – يعنى لأعضائه – بعداً وسحقاً لكُّن فعنكن كنت أجادل . " .
وأخيراً ننقل إليكى أختى المسلمة كلام أبو الأعلى المرودي ـ رحمه الله ـ حيث قال :
من الذي يكابر في أن كل ما قد حصل في الدنيا إلى هذا اليوم ولا يزال يحدث فيها من الفحشاء والفجور باعثه الأول والأعظم هو فتنة النظر . أ هـ
واعلمي أن غض البصر فيه فوائد عظيمة جليلة منها : ـ
1. إن غض البصر امتثال لأمر الله .
2. إن غض البصر يورِث القلب نوراً وإشراقا يظهر فى العين والوجه .
3. إن غض البصر يورث القلب سروراً وفرحة وانشراحاً أعظم من اللذة والسرور الحاصل بالنظر
4. إن غض البصر تخليص القلب من ألم الحسرة .
5. إن غض البصر يعمل على تخليص القلب من سُكر الشهوة .
6. إن غض البصر يورث صحة الفراسة .
7. إن غض البصر يفتح طرق العلم وأبوابه ويسهل عليه أسبابه .
8. إن غض البصر يجعل القلب مشغولاً بما يصلحه معرضاً عما يفسده .
9. إن غض البصر يسد على الشيطان مدخله إلى القلب .
10. إن غض البصر يمنع وصول أثر السهم المسموم الذي يكون فيه هلاك القلب.
دعواتكم بالزوج الصالح