الشعور بحركة الجنين يبدأ عادة عند الأسبوع السادس عشر وما بعده، أما عند الخروس – أو كما يقال البكرية – يتأخر غالبا حتى الأسبوع الثامن عشر, ولحركة الجنين علاقة بعمر الحمل كثيرا، فكلما كبر الجنين وتقدم الحمل أكثر قل إحساس السيدة بالحركة، ففي شهور الحمل المبكرة تكون حركة الجنين كثيرة والإحساس فيها شديدا؛ وذلك لأن حجم الجنين صغير، وكمية السائل المحيطة به كبيرة نسبة إلى حجمه، والعكس عندما يتقدم الحمل يزداد حجم الجنين نسبة لحجم السائل الأمنيوسي المحيط به فتقل حركته كما يقل الإحساس بها.
وأكثر ما تكون الحركة في الشهر الخامس والسادس وأيضا السابع، وهذا مؤشر جيد وأمر طبيعي وليس العكس، فلا تخافي من كثرتها في هذه الفترة، وحتى فيما بعد في الشهور الأخيرة فإن زيادة الحركة هي أمر جيد تدل على أن الجنين نشيط.
ونحن عادة نخاف من قلة حركة الجنين وليس من كثرتها، ولا علاقة لزيادة الحركة بتشوهات الجنين, وكثرتها لا تدل أنه غير طبيعي؛ لأن الجنين كالإنسان العادي إن كان بصحة جيدة فيكون نشيطا وتكثر حركته والعكس صحيح, وفي الشهر التاسع ينبغي أن يتحرك الجنين أكثر من عشر مرات في اليوم على الأقل حتى نقول أن الحركة جيدة، وعادة ما تكون الحركة أكثر من ذلك بكثير.
إذاً أؤكد لك بأن كثرة الحركة في شهور الحمل المبكرة هي طبيعية وليست دلالة على أن الجنين فيه عيب ما، بل على العكس دلالة على أن الجنين طبيعي.
وهنا لا بد أن أذكر حالة خاصة ونادرة وتحدث خاصة في ظروف الولادة – وأحيانا دون ولادة – وهي أن السيدة تكون تشعر بالحركة الطبيعية كالعادة ومن ثم تحدث زيادة مفاجئة وغير طبيعية في الحركة نسبة إلى عمر الجنين، ومن ثم تختفي الحركة كليا, وهذه حالة نادرة إن حدثت فهي غالبا تعكس أو تدل على أن هناك نقصا في الأوكسجين الواصل للجنين عبر المشيمة، ولكنها تتمثل بأن الحركة أصلا طبيعية نسبة لعمر الحمل ثم تزداد فجأة ثم تتوقف كليا لساعات طويلة، وهنا إن حدث مثل هذا الأمر وخاصة في الشهور الأخيرة فيجب مراجعة الطبيبة فورا, وكما قلت هي حالة نادرة جدا.
تكون في البداية حركة الجنين بشكل ارتطام أطراف الجنين الصغيرة بجدار البطن الأمامي، وتشتد مع تطور الحمل لتصبح أكثر وأقوى.. يتفاوت إحساس كل سيدة حامل بحركة الجنين عن غيرها، كما أنه في نفس السيدة قد يختلف من حمل لآخر، وبالتالي فإنه لا يمكن لأي سيدة الحكم على سلامة الجنين بالإحساس بكيفية الحركات، ولكن بعدد هذه الحركات. قد يتأخر الاحساس بحركة الجنين أثناء الحمل لأسباب طبيعية مثل الخطأ في حساب فترة الحمل أو قد يكون السبب كون المشيمة أمامية مما يخفف من ارتطام أطراف الجنين بجدار الرحم أو نتيجة انتفاخ الأمعاء الشديد والإمساك الشديد.
نادراً ما تكون هناك أسباب مرضية لتأخر الإحساس بالحركة مثل نقص السائل الأمينوني أو بعض الأمراض التي تصيب الجنين وتضعف جهازه الحركي وتفيد زيارة الطبيب وإجراء تصوير بالموجات فوق الصوتية في الكشف عن هذه الأسباب وتطمين الحامل على صحة الجنين.
أما في نهاية الحمل فإنه من المهم متابعة عدد حركات الجنين خصوصاً في نهاية الشهر الثامن والشهر التاسع من الحمل. ويعتبر عدد حركات الجنين إلى عشر حركات يومياً من الممارسات المفيدة التي يجب على كل حامل التعود عليها، حيث إنه قد يدل نقص عدد حركات الجنين في هذه الأشهر الأخيرة من الحمل على نقص وظائف المشيمة. ويتطلب الأمر إجراء تخطيط لدقات قلب الجنين والفحص بالموجات فوق الصوتية للتأكد من وصول الدم بشكل طبيعي للجنين خصوصاً إذا تعدت الحامل الشهر التاسع، حيث إن قلة حركة الجنين في نهاية الشهر التاسع قد يكون دليلاً على وجوب الولادة السريعة لتفادي العواقب السيئة.
من المهم أيضاً لكل حامل معرفة أن حركة الجنين تختلف أثناء اليوم أي أنها تزداد بعد الوجبات وبعد شرب المنبهات مثل الشاي والقهوة وتقل عادة الحركة في الأوقات التي تعودت فيها الحامل الخلود للراحة. كما أن للجنين فترات راحة أيضاً يتوقف فيها عن الحركة، ولكنها فترة قصيرة قد تصل إلى ساعة أو ساعتين، ولكنه سرعان ما يعاود الحركة مرة أخرى وعادة يكون تخطيط دقات قلب الجنين طبيعياً في هذه الحالة. ومن الحركات التي يقوم بها الجنين داخل الرحم الانقلاب من جهة إلى أخرى والدوران من أعلى إلى أسفل، بالإضافة إلى تحريك الأيدي والأقدام ومص الأصابع كما في الأطفال حديثي الولادة. ويمكن أيضاً رؤية ذلك بالفحص بالموجات فوق الصوتية وهي علامة تدل على سلامة الجنين داخل الرحم.
دمتم فحفض الله ورعايته
سلمت يداك
الف شكر
الف شكر